السعودية والعراق.. توتر يؤججه سفير الرياض ببغداد

كتبه خالد الشموطى

أثارت تصريحات سفير السعودية بالعراق ضد الحشد الشعبي، موجة عارمة من الاستنكار الشعبي والإعلامي، حيث قال السفير السعودي ثامر السبهان في حديث له على إحدى القنوات العراقية 23 يناير الجاري: إن رفض الكرد ومحافظة الأنبار دخول قوات الحشد الشعبي إلى مناطقهم، يبين عدم مقبوليته من المجتمع العراقي، فيما أشار إلى أن الجماعات التي تقف وراء أحداث المقدادية لا تختلف عن تنظيم داعش.

وأضاف أن قوات الحشد الشعبي يجب أن تترك قتال المتشددين للجيش العراقي وقوات الأمن الرسمية؛ لتجنب تصعيد التوترات الطائفية، في إشارة واضحة لحل الحشد الشعبي، الأمر الذي أثار موجة ردود فعل غاضبة من الحشد الشعبي ونوابه في البرلمان العراقي.

وترت تصريحات السفير السبهان العلاقات السعودية العراقية، فالدبلوماسية بين البلدين حديثة العهد، فبعد قطيعة استمرت 25 عامًا، رفضت خلالها المملكة السعودية وجود سفارة لها ببغداد، احتجاجًا على غزو العراق للكويت عام 1990، أعادت الرياض افتتاح سفارتها ببغداد، حيث تسلم السفير السعودي لدى بغداد، ثامر السبهان، مهام عمله في 30 ديسمبر 2015، وكان من المفترض أن يكون دوره كسفير التقريب بين وجهات النظر والتعاون المثمر بين البلدين لا توتيرها.

الأزمة الدبلوماسية

بعد لقاء وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري مع نظيره السعودي عادل الجبير في البحرين 24 يناير 2016، على هامش الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي ـ الهندي، أصدرت وزارة الخارجية العراقية بيانًا قالت فيه: إن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير رفض تصريحات سفير السعودية في بغداد.

وقال مكتب وزير الخارجية العراقي في بيان لوسائل الإعلام: إن الطرفين بحثا جملة من القضايا ذات الاهتمام المشترك، منها تصريحات السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان لوسائل الإعلام، التي مثلت تدخلًا واضحًا في الشأن الداخلي العراقي، وخروجًا عن لياقات التمثيل الدبلوماسي، إضافة إلى حديثه بمعلومات غير صحيحة، وفق البيان.

وكانت وزارة الخارجية العراقية قد استدعت السفير السبهان في 24 يناير لإبلاغه احتجاجها الرسمي بخصوص تصريحاته الأخيرة.

الملفت وقتها أنه لم يصدر عن وزير الخارجية السعودي نفسه أي رفض رسمي لتصريحات السفير السعودي، وإنما ورد هذا الرفض فقط في بيان الخارجية العراقية، لا في بيان صادر عن الخارجية السعودية ولا في تصريح للجبير، مما دفع مراقبين عراقيين للتساؤل: هل أصبح الوزير الجعفري ناطقًا باسم وزير الخارجية السعودي؟

الأزمة الدبلوماسية اشتعلت بالأمس، حيث نفت وزارة الخارجية السعودية ما نسب من تصريحات لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير في البيان الصادر عن الخارجية العراقية، بشأن حديث السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان لوسائل إعلام عراقية.

وأوضح السفير أسامة نقلي، رئيس الإدارة الإعلامية بوزارة الخارجية السعودية، أن ما نُقل على لسان الوزير عادل الجبير غير دقيق، مشيرًا إلى أن الحديث مع وزير الخارجية العراقي تركز على بحث العلاقات الثنائية بين البلدين فقط، وبالتالي البيان الذي نشرته الخارجية العراقية عن لقاء وزيري الخارجية العراقي والسعودي، وأشارت فيه إلى توضيح الوزير الجبير أن هذه التصريحات لا تعبر عن الموقف الرسمي تجاه العراق الشقيق، تم نفيها من وزارة الخارجية السعودية، مما يفتح الباب أمام توترات جديدة قد تؤثر سلباً على العلاقة بين البلدين.

التصريحات قسمت الداخل العراقي

أدت تصريحات السبهان إلى انقسامات سياسية وشعبية في المجتمع العراقي انعكست في موقف القوى السياسية والشعبية العراقية، حيث اعتبر أحمد الأسدي، المتحدث باسم الحشد الشعبي، في بيان له أن ما تحدث به السفير السعودي تجاوز فيه كل الحدود واللياقات الدبلوماسية، مؤكدًا أنه تجاوز على الحشد والحكومة والأغلبية السكانية والسياسية، مطالبًا الحكومة العراقية ووزارة الخارجية بطرده ومعاقبته على تصريحاته وتحريضه المباشر على الفتنة بين مكونات الشعب العراقي.

من جهته اعتبر النائب خلف عبد الصمد، رئيس كتلة حزب الدعوة، في مجلس النواب العراقي أن تصريحات السفير السعودي تنم عن عداء واضح وتدخل سافر في الشأن العراقي، مضيفًا أن حديثه عن قوات الحشد الشعبي بهذه الطريقة يعتبر إساءة كبيرة وتدخلًا سافرًا.

في السياق ذاته، وصف تحالف القوى العراقية، الممثل الأكبر للسُنة في البرلمان، ما صدر عن السفير السعودي بأنه تصريحات إيجابية.

توقيت التصريحات

يرى مراقبون أن تصريحات السفير السعودي خطيرة وغير مناسبة، خاصةً بعد أحداث المقدادية الأخيرة بمحافظة ديالي، التي كانت ستتحول إلى بؤرة للفتنة الطائفية، على خلفية الأحداث التي شهدتها المنطقة مؤخرًا من قتل وإحراق للمساجد، حيث اعتبرت أطراف أن أفرادًا غير منضبطين من الحشد الشعبي هم المسؤولون عنها، فيما اتهمت الشرطة خلايا نائمة لتنظيم داعش في ديالي بتنظيم الهجمات التي شهدتها المنطقة مؤخرًا.

توقيت التصريحات السعودية لم يكن مناسبًا فهي تأجج الصراعات في العراق، وتزيد من الانقسامات الطائفية في العراق، الموجودة بطبيعة الحال، في الوقت الذي يؤكد مسؤولون أمنيون من قضاء المقدادية، أن الأوضاع الأمنية باتت تحت السيطرة حاليًا، ودخلت مرحلة الهدوء النسبي.

 

شاهد أيضاً

معرض دولي للصيد والفروسية «أبوظبي للصيد»: 680 شركة وعلامة تجارية من 44 دولة

كتب : ماهر بدر انطلق، ظهر اليوم في أبوظبي فعاليات الدورة الـ18 من المعرض الدولي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *