د طارق فهمى

إسرائيل .. هذه مصر التي لا تعرفونها أبدا

بقلم د طارق فهمى

تتفرغ صحافة اسرائيل لتزج باسم الرئيس السيسي في كل تناول للعلاقات المصرية الاسرائيلية الراهنة، وتؤكد ان العلاقات الرسمية تتسم بالدفء في هذا عودة السفير المصري الي تل ابيب والحفاوة التي استقبلته بها اسرائيل ممثلة في الرئيس الاسرائيلي ، ورئيس الوزراء الاسرائيلي معا وتأكيدها علي أن العلاقات مع مصر مهمة وجيدة وانها تترجم اتفاق السلام بين مصر واسرائيل  ومصر باعتباره تحالف دولي، والواقع ان العلاقات ين البلدين، وبصرف النظر  عن وصفها  بالدفء او البرود فان ثمة تحولات تشهدها في ظل ما يلي :

  • 1- تواصل زيارات المسئولين الاسرائيليين لمصر ومنهم دوري جولد مدير عام الخارجية الاسرائيلية لمصر واستمرار الاتصالات الامنية الدورية بين البلدين والتنسيق الاستراتيجي في سيناء وتجاوب اسرائيل الرسمي مع المتطلبات الامنية  المصرية وبصورة مباشرة وحرص اسرائيل علي التأكيد بان البلدين يشهدان تحديات ومخاطر مشتركة، ومع ذلك وبرغم التنسيق الامني  والاستراتيجي، فان وزير خارجية مصر واسرائيل لم يزر تل ابيب او قامت وفود حزبية او سياسية اسرائيلية بزيارة القاهرة او طلب رئيس الوزاء الاسرائيلي نتناياهو زيارة القاهرة أو تم توجيه الدعوة للرئيس السيسي للقاء في عمان أو القدس مثالا يضم نتناياهو – الملك الحسين ،وظلت العلاقات المصرية الاسرائيلية في اطارها الامني والاستراتيجي ولم  تتم نقلة نوعية دبلوماسية معلنة للتأكيد بان العلاقات تتسم بالدفء وان الرئيس السيسي  يتجاوب مع الطرح الاسرائيلي  ومتطلباته وبرغم أن السفير الاسرائيلي افاض  في التأكيد مؤخرا بأنه التقي الرئيس السيسي ، ومسئولين اخرين في اشارة لاستمرار وتعاون القاهرة – تل ابيب                        وهو ما حرصت مصر  عدم الدخول  في  تفاصيله باعتبارة امرا شكليا قد  يهم اسرائيل  في اطار مسعاها لابراز حقيقة السلام مع مصر ، والتي لا يهمها  أن تتعامل من اعلي مع اسرائيل مثلما تتعامل مع دول اخري ولا علاقة  لللارئيس السيسي بسفير او وزير او مسئول  اسرائيلي يزج الاعلاميون باسمه في كل ناصية .
  • 2- قبول مصر بفتح سفارة جديدة لاسرائيل في مصر منذ عدة اشهر معناه المباشر انه لا توجد مشكلة مع اسرائيل وان من حق هذه الدولة وغيرها اقامة سفارة بعد واقعة اقتحام السفارة  منذ سنوات، ومن ثم فلا يوجد ما يمنع ذلك خاصة وان السفير المصري عاد الي تل ابيب  رسميا كما افرجت مصر علي الجاسوس عودة ترابين في اشارة مهمة الي انه لا يوجد اية تحفظات في ادارة العلاقات وان البلدين يمضيان في ترسيم العلاقات المشتركة والسؤال المطروح هل توجد ملفات اخري غير مطروقة لم يتم الاعلان عنها ؟؟؟
  • 3- ان المؤكد ان ثنائية العلاقة  بين البلدين ترتبط  بالعلاقات المصرية مع قطاع غزة واستمرار الحصار علي القطاع وقيام حركة حماس بالمساس  بالامن القومي المصري وقيام مصر بردم الانفاق وتوسيع المنطقة  العازلة  ورفض اي متطلبات في فتح معبر رفح بدون عودة شرعية السلطة  الفلسطينية  وعودة الصف الفلسطيني موحدا خاصة  في ظل مخاوف اليوم التالي بعد  الرئيس محمود عباس وعبث اطراف اقليمية كتركيا وقطر بملف  المصالحة وبحث كل طرف  علي مساحة تواجد في القطاع نكاية في مصر سواء بطرح افكارا بديلة للميناء البديل او الجزيرة الشريطية او الميناء العائم  وتشغل المطار والاحاديث عن الهدنة المقتوحة مع اسرائيل وحماس واتفاق المصالحة التركية الاسرائيلية واحتمالات تضمنه بند خاص بالقطاع .

من هنا تنظر مصر للتحركات الاسرائيلية الفلسطينية والتركية والقطرية بل والايرانية بنظرة شاملة ، ومن حق مصر ان تنسق وفقا لحساباتها وتقديراتها سواء مع اسرائيل  او السلطة أو مع أطراف اخري في اقليم شرق المتوسط والذي لا  يقتصر علي ملف الغاز فحسب بل  يمتد لملفات اخري، وبالتالي فان الحديث عن تقارب مصري اسرائيلي ،وان الرئيس السيسي يفعل  ذلك ليس حبا في اسرائيل صحيح في شكله ومضمونه خاصة مع وجود تهديدات مشتركة سواء من التمدد الايراني وتنظيمات الارهاب وما يجري في سيناء وقد يدفع لمزيد من التقارب خاصة وان كل الاطراف الاقليمية الاخري تريد تطويق مصر من القطاع وحصار حركتها وايقاف توجهاتها  خاصة وان وجود حماس واستمرارها في القطاع يظل خطرا علي امنها القومي .

  • 4- يبقي اذن التأكيد علي ان لقاءات الرئيس  السيسي الدولية والاقليمية لا علاقة لها باسرائيل بصورة مباشرة او غير مباشرة  وغير مفهوم في الاشارة للقاء مسئولين المصريين مع شخصيات اسرائيلية سواء كانوا امنيين او سياسيين  خاصة وان الرئيس السيسي نفسه التقي مؤخرا وفدا لقيادات يهودية من بينهم ملكو لم هونلاين، وهو من الشخصيات المقربة من نتناياهو  ويعني ذلك ان مصر واسرائيل تنسقان في اطار معاهدة السلام وليس خارجها وبرغم ان اسرائيل قبلت دخول قوات مصرية  لسيناء عكس ما تقره المعاهدة وبرتوكولها الامني .

ولا يعني ذلك كله ما تشير اليه اسرائيل في اعلامها ان اسرائيل تطلب من الادارة الامريكية دعم مصر في مواجهة الارهاب واستمرار تقديم المعونة العسكرية وان تسبي هنجبي رئيسة لجنة الخارجية والامن بالكنيست ستتوسط لمصر في دوائر الكونجرس فهذا امر لم يحدث  ومن ثم فان مصر لم تطلب وساطة  اسرائيلية بين مصر وتركيا لتسوية قطاع غزة ، وهي امور لا تمت بصلة للواقع ولكنها في سياق اخبار ملونة مفهومة  في سياق محدد.

إن مصر لا تراهن علي اسرائيل  ولا علي امكانية السلام الشعبي فهذا قرار وهذا توجه لن يستطيع ان يتخذه رئيس ولكن يتخذه المصريون في عمومهم ان رأوا في اسرائيل كيانا مقبولا او يمكن ان يقبل ليس من خلال معاهدة استقرت 38  عاما في موقعها وفرضت تسوية علي الحدود المشتركة ،وانما من خلال قناعة كاملة بان اسرائيل لم تعد تمثل خطرا علي امن المنطقة وهو تصور سيحتاج لحسابات اسرائيلية عديدة قد لا تجرؤ اسرائيل  الان علي اتخاذه في ظل خياراتها شبه الصفرية في التعامل مع العرب، وتحسب للمستقبل المحفوف بمخاطر علي امن اسرائيل في الحالتين قبلت السلام والتسوية ولو بعد حين ، أو استمرت في حالة مواجهة مفتوحة مع جيرانها .

شاهد أيضاً

الأزمة في تونس: كيف وصلت البلاد إلى هذه المرحلة؟

تحقيق/حماده جمعه في عام 2011 انطلقت شرارة ربيع الثورات العربية من تونس، وما لبثت أن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *