الأدب في زمن الأوبئة

بقلم : رشا محمد كاتبة وشاعرة سورية
لطالما كان للأدب مساهمته ودوره في تأريخ مشاعر الخوف والقلق في زمن الأوبئة.
فقد كانت هذه الأوبئة مادة للمؤرخين و وفرت مادة خصبة للأدباء عربيا وعالميا .
هؤلاء الأدباء أبدعو في أعمال روائية حركت مخيلة القارئ بكل واقعية وكانت من أشهر الروايات المؤثرة بعد أن أرّخت لأكثر الأوبئة فتكا في مرحلة تاريخية ماضية .
في زمن الكورونا هذا و مع اتساع نطاق الخطر لهذا المرض الذي اجتاح العالم ، خرج الكثير من النقاد والمثقفين بمقارنة بين ما يحدث الآن وبين ماسجله الفيلسوف والروائي والكاتب المسرحي ” ألبير كامو ” في روايته الشهيرة ” الطاعون ” والذي دخل تاريخ الأدب والفكر من بابه الواسع وحاز على جائزة نوبل للسلام .
الرواية الشهيرة ” الحب في زمن الكوليرا ” للكاتب ” غابريل غارسيا ماركيز ” تسرد في قالب روائي شائق وجميل يجمع بين شجون العشق ولوعته ، وجائحة الوباء الفتاك ” الكوليرا ” ، و وباء آخر قاتل اسمه ” الحب” .
فبدأت هذه الرواية بذكر الموت وتنتهي إلى مسار الأبدية وبينهما تقبع تفاصيل عدة مرتبطة ” بالحب والحرب والوباء “.
عميد الأدب العربي ” طه حسين ” تطرق لانتشار وباء الكوليرا في مطلع القرن العشرين من خلال سيرته الذاتية ” الأيام ” واصفا لوعته بموت أخيه طالب الطب بالوباء والذي فتك بأهل مصر فتكا ذريعا ومحا أسراً بكاملها.
الروائي السوداني ” أمير تاج السر ” الذي وضع بصمته في رواية واقعية ، بتاريخ حقيقي، وأمكنة حقيقية جاعلا الفيروس قاتلا بامتياز
انها رواية ” ايبولا 76″ .
كما أننا رأينا تصويرا رائعا للأحداث التي صاحبت انتشار الأنفلونزا الإسبانية في رواية الصحفية الكاتبة الأمريكية ” كاثرين بروتر ” بعنوان ” حصان شاحب فارس شاحب ” .
أيضا عبر التاريخ الأدبي تناول عدد من الشعراء قصصا إنسانية مليئة بمشاعر تتحدث عن الفقدان وفراق الأحبة، والخائفين والفارين من الموت ، فقد أيقظ تفشي هذه الجائحة ذكريات مرت عبر التاريخ البشري حينما خرجت قصائد شعرية من رحم المعاناة الانسانية ، و كانت من أشهر القصائد قصيدة ” الكوليرا ” للشاعرة ” نازك الملائكة ” إذ تقول :
الموت الموت الموت
في شخص الكوليرا القاسي ينتقم الموت
الصمت المرير ..
كانت هناك لحظة شجن في قصيدة للشاعر التونسي عبد العزيز الهمامي مع بداية جائحة كورونا ، حيث شبه الأزمة الحالية التي تمر بها الإنسانية جمعاء وكأنها في مواجهة عدو بلا ملامح فقال :
فلتدخل بيتك لو تسمح
العالم موبوء
وهواء الشارع يجرح
المنزل وردتك الأولى
ومكانك في الغرفة أوضح
كورونا العصر تباغتنا
وتعربد تحت ملابسنا
فاحذر.
كما أن هناك الكثير من الأدباء والشعراء كانت لهم آرائهم في وصف هذا الوباء الذي اجتاح العالم ككل .
منهم : الروائية المصرية هالة البدري التي عبرت عن رأيها وتقول : ربما تكون هذه اللحظة التي يمر بها العالم كله لحظة فارقة في عمر الإنسانية وثقتي في جوهر الإنسان تدعوني للتفاؤل لأننا في زمن يسهل فيه تبادل المعلومات وهي وقفة لنتعلم كيف ننجو جماعة .
أما الكاتب الصحفي والناقد والشاعر المغربي سفيان حكوم يقول : ظلام كورونا ضرب البشرية في صميم كينونتها الوجودية ، كتعريف للذات البشرية انها اقل من جزئيات الكينونة لوجوده.
الكاتب الجزائري واسيني الأعرج يقول : .بأننا بصدد فيروس مجهري قاتل ، يعيد هيكلة العالم كليا .
اما الشاعر والناقد المغربي محمد بنيس يعتبر هذا الوباء دمار غير اعتيادي وان البشرية ستنتصر على الفيروس بكل تأكيد فهو يقول : “كل ما يحدثه الوباء اليوم سيصبح مجرد واقعة حلّت وارتحلت . للأسف نحن خارج العالم .
.عبده الخال روائي سعودي قال : هذه ليست بمزحة ، فهذا الفيروس أدخل العالم إلى نفق ضيق مظلم ، وطالبه بأن يفتح عينيه .
والمفارقة أن التأثير المأساوي الذي خلفه الوباء على العالم يطرح أكثر من سؤال ..
هل سيكون مصدر إلهام لعدد من الروائيين لتأريخ هذه الفترة الحرجة.. أم هل ستدخل الكتابة نفقا جديدا وتحاول أن تتخطى هذه المرحلة وما تركته من أثر في العقل والوجدان الإنساني .. وهل ستصل هذه الإبداعات الجديدة لنفس قيمة وإبداع كل من روايتي كامو وماركيز ؟؟؟ !!

شاهد أيضاً

سارة نور تكشف عن تفاصيل موضة خريف 2021 للمحجبات

سامح علي في فصل الخريف ينتظر الجميع معرفة موضة هذا الفصل، وذلك لما له من …