العميد مهندس اشرف الجندي

البلد رايحة على فين ؟

بقلم : عميد مهندس اشرف الجندى
عندما يفتح خطاب رئيس الجمهورية بابا للأسئلة أكثر مما يعطي من أجوبة فهذا يؤكد أن السلطة في أزمة وعندما يزيد الاستماع إلى خطاب الرئيس من مساحة القلق والخوف لدى الشعب أكثر مما يمنحهم من الطمأنينة والثقة فهذا يؤكد أيضاً وبما لا يدع مجالاً للشك أن البلاد كلها في أزمة وخاصة أن هناك طوفان من التوتر والقلق والحيرة والتساؤل وسؤال محير لا يعرف اى أحد فى مصر له اجابة حقيقية وهو البلد رايحة على فين ؟ وبغض النظر عن الاجابة فالذي وضح فى العامين الماضيين أن إدارة الدولة تمر بمنعطف تاريخي صعب يحتاج إلى خبرات مدنية عالية وعقل سياسي ناضج وسلام اجتماعي ووحدة الإرادة الوطنية فالمجتمع ليس كتيبة عسكرية والدولة ليست فرقة جيش وأنا أقول هذا الكلام بوازع وطني مجرد وبدون أي رغبة في التقليل من شأن أحد أو الانحياز إلى أحد وأعلم أنه سيغضب كثيرين لا يريدون الوقوف على حقيقة الامور فكل جزء من أجزاء الوطن نحتاجه ولا يمكن التفريط فيه وخاصة بعد أن وصلنا إلى حد مناشدة المواطنين بالتبرع ومساعدة الدولة حتى لا تسقط وخاصة بعد أن رفضت معظم الدول المساعدة لأنها ساعدت من قبل وبدون جدوى فالعامين الماضيين لم يشهدا أي مشاريع تنموية تعين على تقليل نسبة البطالة فالقدر الاكبر كان للسجون حيث تم التصديق على بناء 8 سجون فى عامين وبدلاً من الاعتراف بأننا فى خطر حقيقى بعد أن ضاع النيل لضياع حقوق مصر فى المياه والتفكير فى تحلية مياه الصرف الصحى وبدلاً من البحث عن حلول ايجابية كانت النتيجة حملة ضخمة على الفضائيات عن فلاتر المياه المتخصصة فى تحلية المياه الوسخة وكما يقولون لبث الطمأنينة فى قلوب الناس ..ومصر فى خطر حقيقى بعد ضياع الجنيه المصرى وانتحاره امام الدولار وبدلاً من حل المشكلة بطريقة علمية كانت طباعة الفلوس والتى لا تتوقف ..وبدلاً من ان نتعلم من فشل قناة السويس قررنا استصلاح مليون ونصف مليون فدان وكأننا لا نتعلم من اخطائنا بل نكررها وظهر هذا جلياً ايضاً فى مشروع العاصمة الادارية الجديدة وعندما وجدت الدول المستثمرة ان كل هذه المشاريع لا تخضع لدراسات متأنية هربت من الاستثمار فى هذه المشاريع وكان على رأس هذه الدول دولة الامارات.. أما الاحتياطى النقدى الاجنبى فهذه قصة أخرى تدل على أن البلد فى حاجة الى عقول اقتصادية ولا تحتاج ادارتها الى العضلات المفتولة والقرارات الغير مدروسة والتى تؤكد ان هناك من يريد هدم هذا البلد ..وبدلاً من الاعتراف بكل هذه المعضلات والعمل على حلها كانت التغطية عليها بأحداث مصطنعة ظهرت على الساحة لكى تخفى الدمار الحقيقى ومن هذه الاحداث كان موضوع توفيق عكاشة والسفير الاسرائيلى والكل يعلم ان عكاشة منفذ جيد للتعليمات ولا يقدم على أي خطوة دون الرجوع الى الاجهزة السيادية فهو لم يقابل السفير الاسرائيلى الا بإذن والدليل على ذلك سيارات التأمين التى كانت موجودة امام منزله وهذا الحدث ما هو الا بالونة اختبار للوقوف على مدى رضا الشعب على زيادة التطبيع مع الكيان الصهيونى ..ثم كان الحدث الذى تلاه ليغطى على فشل مجلس النواب فى مناقشة ما تمر به البلاد من خطورة حقيقية وأصبح حذاء النائب كمال أحمد التى ضرب بها نائب التطبيع توفيق عكاشة حديث الجميع واستحوذ على اهتمام الكثيرين حيث اعتبرها البعض دخلت التاريخ لأنها أعادت اعتبار الشعب المصرى ونسى الجميع حجم المأساة وممارسة أعمال البلطجة تحت قبة البرلمان مرفوض تماماً وبدلاً من ادانة الجدث اسهبوا فى مواصفات الحذاء فهى سوداء اللون بدون رباط ثمنها 320 جنيها اشتراها النائب من أحد المحلات بالإسكندرية ومقاسها 41 مما يدل على السطحية التى نتعامل بها مع الأحداث وأننا أصبحنا نفسر الأحداث على حسب أهوائنا المريضة واتساءل طالما أن النواب وطنيون لهذه الدرجة فلماذا لم يعترضوا على تأمين حدود اسرائيل وعمل المناطق العازلة وملئها بالمياه المالحة والتى هى السبب فى ما يحدث فى سيناء بعد تهجير ابنائها وهدم منازلهم ..ثم تلا ذلك مجموعة من الاحداث المصطنعة والتى لا يخلو يوما منها وكان آخرها ضرب الضابط للممثلة السكرانة أو العكس وادارة ممثلة لعدد من الشقق لأعمال الرذيلة وضبط ممثلة فى شبكة آداب أما عن نادى الزمالك ومرتضى منصور وحرب السيديهات التى تدور بين الكثير من الوجوه المألوفة على القنوات الفضائية فحدث بلا حرج ..أما عن استنزاف الجيش والشرطة فى سيناء فالكلام فى هذه الجزئية لم ولم ينته وخاصة أن لغة العقل غير موجودة نهائياً واستخدام القوة المفرطة فى سيناء لم ولن يصل الى حل وكل هذا يؤكد ام مصرنا الحبيبة فعلا في خطر وليس أي خطر فهي على حافة الهاوية ولا يجدى معها الخطابات العاطفية ولا الاجراءات الصارمة التى يتبعها النظام فالأمل تلاشى لدى الجميع من فرط بؤس الواقع والثقة تتبخر بسبب التراجع والسياسة الاقتصادية أعلنت إفلاسها وتنتظر المجهول والمزيد من المصانع تغلق أبوابها وتطرد عمالها والمزيد من الشركات الأجنبية تعلن افلاسها وتصفى أعمالها بمصر وتعود الى بلادها والمزيد من المواطنين ينضمون إلى سوق العاطلين عن العمل بعد تسريحهم والأغرب أن البنك المركزي نفسه لم يعد يملك رؤيا للاجابة على أسئلة المستثمرين والتجار.. حتى البرلمان أصبح وكأنه غير موجود ولا وجود له حقيقيا إلا في مشاجرات الأعضاء مع بعضهم أو مع رئيس المجلس بسبب الملابس الكاجوال التى يرتديها بعض الاعضاء وجعل الناس تترحم على برلمان أحمد عز .. أما السياسة الخارجية فهى لا تتوانى في خسارة الأصدقاء واهتزاز الثقة الإقليمية والدولية بالدولة المصرية وعاجزة تماماً عن اتخاذ مواقف حاسمة في أخطر ملفات أمننا القومي مثل موضوع سد النهضة الأثيوبي رغم الإهانات التي نالت من كرامتنا عبر تصريحات مسئولين في أديس أبابا فبالرغم من وجود الرئيس بأثيوبيا للمشاركة فى أعمال القمة الأفريقية العادية السادسة الا أنه لم يتكلم فى مشكلة سد النهضة وهذا ما صرح به رئيس وزراء أثيوبيا .. وبعد كل هذا فمصر اليوم بحاجة إلى خطة إنقاذ عاجلة وشاملة ومصر اليوم بحاجة إلى مكاشفة حقيقية بين السلطة والشعب بمنتهى الشفافية ومصر بحالة الى مصالحة وطنية واتحاد رغم أنف الوزير الذى يعارض هذه المصالحة ومصر بحاجة إلى خارطة طريق جديدة وبحاجة إلى مراجعة جميع القرارات السياسية والأمنية وان لن يحدث هذا فى أسرع وقت فهناك الكثير من الخسائر وكثير من الدمار وكثير من الانهيار فالمحافظة على الدولة أهم من المحافظة على النظام وكفى الحديث عن المؤامرة وإسقاط الدولة والمتربصين بمصر من الخارج فهذا الحديث ما هو الا ذريعة للتخويف ومصادرة الحقوق والحريات وعدم الاعتبار للضمانات والهروب من الاستحقاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية فاذا سقطت مصر فنحن من أسقطها والدليل على ذلك ان ايران تم محاصرتها اكثر من 10 سنوات من القوى العالمية وعلى رأسها أمريكا وما زادها الحصار الا تقدما وقوة وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.

شاهد أيضاً

الأزمة في تونس: كيف وصلت البلاد إلى هذه المرحلة؟

تحقيق/حماده جمعه في عام 2011 انطلقت شرارة ربيع الثورات العربية من تونس، وما لبثت أن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *