التحوّل الرقمي ضرورة أساسية لشركات التصنيع

يشهد التحول الرقمي لعمليات التصنيع تطورات  على المستوى العالمي أسهمت في نشوء أنواع جديدة لما يسمى بتطبيقات الأعمالالذكية، مثل الحلول والأنظمة الذكية لإدارة موارد المنشآت (ERP)، وإدارة علاقات العملاء (CRM)، والمالية، والموارد البشرية.

وعلى الرغم من ذلك، ما تزال العديد من شركات التصنيع تستخدم تقنيات وعمليات قديمة تُعيقها عن الاستفادة من مزايا الحلول الجديدة، والتي تشمل زيادة الإنتاجية والكفاءة والفعالية. وسعياً لزيادة الربحية وضمان النجاح على المدى الطويل، يحتاج المُصنّعون لبدء التفكير بالاستثمار في التطبيقات الذكية والابتعاد عن التكنولوجيا القديمة.

مفاهيم أساسية عند إجراء التغيير

طوال العقدين أو العقود الثلاثة الماضية، لجأ المصرفيون وتجار التجزئة والمصنّعون لاستخدام تطبيقات المؤسسات الكبيرة والموحّدة في أتمتة عملياتهم التجارية. ومع التقدم السريع الذي تشهده أجندة العالم الرقمية، تعاني المؤسسات العريقة من تناقص عائداتها، بما يفرض عليها تحسين إجراءات أعمالها. ومن جهة أخرى، تشهد الأسواق تغيرات كبيرة، وفي قطاعات التصنيع، لم يعد مفهوم الولاء للعلامة التجارية قائماً؛ حيث يلجأ المستهلكون إلى الإنترنت للمقارنة بين منتجات الشركات المختلفة في أنحاء العالم، ويمكنهم استيراد المنتجات العالمية بسهولة تماثل سهولة التسوق محلياً.

وبالتالي، فإن التكنولوجيا القديمة والأساليب التقليدية تعيق الشركات المُصنّعة عن المنافسة على هذا المستوى، ومن الواضح أنها بحاجة إلى التحسين والتطوير، لضمان بقائها في ساحة المنافسة.

لماذا ينبغي التحسين؟

ويرى جيرهارد هارتمان ، نائب رئيس قطاع الأعمال المتوسطة في سايج إفريقيا والشرق الأوسط: “بناءً على التجربة تَبيّن أن التخطيط المسبق لإجراءات التحسين قد يحمل معه بعض التعقيدات، ولكن بفضل التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي (AI) والبيانات الضخمة وإنترنت الأشياء (IoT)، يمكن للمُصنّعين وأصحاب المصلحة في سلسلة التوريد البدء بالتعامل مع تحديات التحسين المعقدة؛ حيث تستفيد الشركات من قدرات التخطيط الأفضل اعتماداً على قدرات الذكاء المبرمجة ضمن التطبيقات. وقريباً، سيتم تطوير عمليات التعرف واتخاذ القرار لتصبح آلية بشكل كامل، بما يؤدي إلى إنشاء تطبيقات ذكية مستقلة داخل الشركات.”

ويضيف: “هذا التغيير، وخاصة في الصناعة التحويلية، سيسهم بإحداث تطورات سريعة تشمل الصناعة 4.0 والمصانع الذكية.”

دور جديد لقيادات الصناعة

يتمثل التحدي الأكبر الذي يواجه قادة الصناعة في إجراء إصلاحات شاملة للعمليات الأرضية؛ حيث استثمرت معظم الشركات في تطبيقات التكنولوجيا مثل تخطيط موارد المؤسسات (ERP) وفي وسائل أخرى تضمن سرعة أكبر في عمليات سلسلة التوريد. كما استثمرت الشركات أيضاً في لوجستيات التوزيع من خلال أتمتة هذه العمليات. ومع ذلك، ما زالت العمليات اليدوية الأرضية التي تبدأ بدخول المنتج حيز الإنتاج، وتستمر حتى وصوله إلى أرضية المتجر، سبباً في الحدّ من كفاءة العمليات.

وما يزال مُشغّلو العمليات الأرضية يعتمدون على المستندات المادية بشكل كبير، لتسجيل معايير عمل المكائن ونتائج الاختبارات. وتسهم عدم كفاءة تلك العمليات في الحدّ من فعالية استخدام المعدات الأولية بنسبة تصل إلى 40٪ في بعض المصانع. وكبديل عن ذلك، ينبغي عليهم الاعتماد على المعلومات المستمدة من خصائص المواد وخطوط الإنتاج لتحسين العمليات اليدوية بصورة آنية.

خطر الركود

يتعرض المُصنّعون لضغوط زيادة الإنتاجية، نظراً لوجود منتجات أرخص وأعلى جودة. كما يسهم وجود الاختيارات الواسعة في تناقص ولاء العملاء أيضاً. وفي حال مواجهتهم تجربة سيئة مع أحد المنتجات، لن يتردد العملاء عن البحث في مكان آخر للحصول على جودة أفضل أو منتج أقل تكلفة.

ومع عجز المصنّعين عن التكيف مع المتغيرات، فهم يُعرّضون أنفسهم لخطر التهميش، لدرجة قد لا يتمكنون معها من البقاء في المنافسة ضمن عالم الاقتصاد الرقمي.

يُعدّ التحول الرقمي عملية معقدة، نظراً للحاجة إلى تطبيقه بشكل كلي في الأعمال، بدلاً من تطبيقها بشكل فردي منعزل. فالهاتف الذكي الذي يتم تجريده من مكوناته لا يستحق الكثير ، لكن الناس سيدفعون الكثير كي يتمكنوا من استخدام هذه مكوّنات الهاتف عند دمجها. وتلك هي قيمة التحول الرقمي.

وليس هناك من نهج واحد لتطبيق التكنولوجيا يُناسب الجميع، ومن شأنه تحويل أعمالك بطريقة سحرية. وبدلاً من ذلك، فإن التحويل الحقيقي لمؤسستك، وقدرتك على تلبية طلب السوق ، يرتبطان بكيفية تطبيق التكنولوجيا في عملك بأسلوب يدعم الابتكار.

تفكير جديد وإمكانيات جديدة

قد لا يدرك المدراء التنفيذيون في مستوى القيادة، من ذوي الخلفية التقليدية، قدرة التكنولوجيا الجديدة على تحويل الأعمال؛ فهم يُفضلون التمسك بالطرق المجربة والمختبرة التي نجحت على مدى عقود. ومع ذلك، ينتقل المدراء التنفيذيون الأصغر سناً إلى مناصب أعلى في شركات التصنيع، حاملين معهم مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الجديدة، وإدراكاً جيدًا لكيفية تعزيز التكنولوجيا ودفع الأعمال إلى الأمام.

وفي السابق، كان التركيز ينصبّ على إدارة العمليات، وكيفية جعل سلاسل التوريد أكثر كفاءة. والآن، يتحول هذا التركيز بصورة أكبر نحو تسريع ذكاء العمليات، وتحليلات الإنتاج، وزيادة الجودة ودمج البيانات الخارجية.

السحابة هي المستقبل

ستصبح غرف الخوادم ومراكز البيانات في مقر الشركة غير ذات أهمية لشركات التصنيع، حيث ستتولى السحابة مهام الحوسبة الفعلية. ولتشغيل مشاريع الذكاء الاصطناعي الناجحة، تحتاج الشركات إلى قوة حوسبة هائلة تدعم مجموعات البيانات الضخمة، ومن الأفضل اللجوء في ذلك إلى مساعدة خبراء التكنولوجيا.

وبالاعتماد على الحوسبة السحابية، ستكون البيانات أكثر أماناً وسهولة في الوصول إليها، مقارنة بتخزينها على خوادم الموقع. بالإضافة إلى ذلك، فإن الخيارات السحابية التي تتيح الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والبيانات والتعلم الآلي ستصبح أكثر فعالية من حيث التكلفة.

خلال مسيرة التحول الرقمي، يتعرّض المصنعون لضغوط متزايدة سعياً لمواكبة بيئة الأعمال العالمية المتغيرة باستمرار. وفي هذا السياق، يُوفر التحول الرقمي فرصة لاتخاذ قرارات مدعومة بالبيانات، والاستجابة بصورة فورية ومباشرة للمتغيرات، والاستفادة من الفرص المتاحة في السوق، وهذه الفوائد مجتمعة تستحق مزيداً من الجهد والاستثمار.

شاهد أيضاً

توحيد سلم الرواتب ومكافأة نهايه الخدمه للعاملين في الدولة

بقلم : أشرف عمر رواتب الموظفين في اي دوله تلتهم اكبر قدر من الدخل القومي …