الصين: أسهم الفئة “أ” تتصدر المشهد بأداء قوي

محمد على

 

 

 

صدرت مؤخراً العديد من المؤشرات تشير إلى امتلاك الصين العديد من الإمكانيات الاقتصادية التي مكنتها من البروز كقوة على ساحة الأعمال، فاقتصادها هو ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتمتلك ثاني أكبر سوق للأوراق المالية، مع قيمة سوقية تتجاوز 10 تريليون دولار.

 إلا أنه وعلى الرغم من ذلك، فإن أسهم الفئة “أ”- A-shares تمثل 0.6٪ فقط من مؤشر MSCI العالمي لجميع البلدان.

وكان من الصعب على المستثمرين العالميين الوصول إلى السوق الداخلية للصين في السابق، لكنها انفتحت وتحررت إلى حد كبير في السنوات الأخيرة، ويزاد الآن إضافة مزودي المؤشرات- index providers لأسهم الفئة “أ” إلى معاييرهم القياسية العالمية.

لماذا تعد الصين فرصة استثمارية كبرى؟

ويؤكد الخبير نيكولاس يو، مدير الأسهم – الصين في مؤسسة إبردين ستنادرد إنفستمنت ASI أن الإجابة المباشرة عن هذا التساؤل تكمن في النمو، حيث يزداد اعتماد الاقتصاد الصيني على نفسه، وأصبحت عوامل محلية – وبالتحديد المستهلكين الصينيين تتحكم في إجمالي ثروة البلاد. كما استمرت أسواق رأس المال الصينية في العمل بشكل جيد هذا العام على الرغم من أثر جائحة كوفيد-19، وعلى الرغم كذلك من التوترات الجيوسياسية، فانتعشت السياحة الداخلية، وتعافى الاستهلاك المحلي في نهاية دورة الأسواق بشكل جيد. وبالتالي تمنح مؤشرات النمو تلك المستثمرين مزيدًا من الوضوح بشأن توقعات أرباح الشركات الصينية.

لكن وبطبيعة الحال؛ لا يزال هناك عوامل غير معلومة تماما قد تؤثر على الاستثمار ترتبط بكيف ستتطور التوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين. فالمتابع يرصد تحركات مستمرة تقودها الولايات المتحدة لتقييد وصول الصين إلى التكنولوجيا، مما قد يؤدي بدوره إلى إبطاء الصعود الاقتصادي للصين.

 ومع ذلك، فإنه من المطمئن إصرار الصين على إدارة التوتر مع الولايات المتحدة بحرفية معتمدة على التغييرات في نموذجها الاقتصادي الذي أصبح أكثر اعتمادًا على نفسه، وأصبحت ثرواتها مدفوعة أكثر بالعوامل المحلية – أي المستهلك الصيني نفسه.

لذلك يعد تحفيز الطلب المحلي هو اللبنة الأساسية في عملية إعادة موازنة الاقتصاد الصيني، حتى مع استمرار انفتاحها على الأسواق الدولية. ويتوقع الاقتصاديون في معهد الأبحاث في إبردين ستنادرد إنفستمنتASI أن يتجاوز رقم الناتج المحلي الإجمالي الصيني الاسمي الرقم الخاص بالولايات المتحدة بحلول عام 2035.

سوق أسهم الفئة “A“: محرك رئيسي للنمو، ووصول مباشر للأسواق

جاء أداء مؤشر أسهم الفئة “أ” الصيني من بين أفضل المؤشرات أداء هذا العام طبقا لــ  MSCI China A Onshore، حيث كسرت قيمتها السوقية حاجز 10 تريليون دولار لأول مرة. ويضم سوقها أكثر من 3800 سهم من الفئة “أ”، تشمل الشركات في قطاعات الاقتصاد الجديد سريعة النمو والتي كان لا يمكن الوصول إليها بسهولة في الخارج. وبهذا أصبحت هذه الفئة من الأسهم من أكثر الطرق تنوعًا ونموا للوصول إلى نمو الصين.

وكان الارتفاع العالمي للاقتصاد الصيني هذا العام مدفوعًا بكل من المستثمرين المحليين والأجانب. فمنذ إطلاق قناة Stock Connect الاستثمارية عبر الحدود التي تربط بورصة شنغهاي وبورصة هونج كونج في عام 2014، اجتذبت الأسهم “أ” 170 مليار دولار من صافي التدفقات الداخلة من الخارج. وأوجدت حلقة تجارية تربط بورصات هونغ كونغ بشنغهاي وشنتشن. وعالج هذا الأداء الجيد لهذه الفئة من الأسهم مخاوف المستثمرين الأجانب، بشكل كبير، وكانت مخاوفهم قد تركزت حول الافتقار إلى الوصول المباشر إلى الأسواق. كما سيؤدي قبول الأسهم “أ” في المعايير السائدة إلى تسريع تدفقات رأس المال من المؤسسات الأجنبية.

ويعتبر تحديد الشركات ضمن خط واضح للاستفادة هو سبيل زيادة قيمة المساهمين. ونعتقد أن الدخل المتاح المرتفع سيحفز الطلب على منتجات الرعاية الصحية وخدمات إدارة الثروات والتأمين والسلع والخدمات الفاخرة. كما أن محركات النمو الهيكلي مثل اعتماد الطاقة المتجددة والتطبيقات السحابية “ cloud applications ” والجيل الخامس والتجارة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي لا تزال فاعلة. وتهيمن الصين على سلاسل التوريد العالمية للطاقة المتجددة والبطاريات. ونعتقد أن هذا الصناعة ستزدهر وأن لديها مستقبل مشرق.

وعلاوة على ذلك، لا يزال تداول أسهم الفئة “أ” مدفوعًا بمستثمري التجزئة الذين يتأثرون بعناوين الأخبار أكثر من تأثرهم بالأساسيات المستقرة التي تعتمدها الشركة. وهذا يخلق أرضية خصبة لجامعي الأسهم النشطين الذي يعتبر سوء الأسعار بالنسبة لهم أمرا شائعا.

الشركات الصينية ومعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات ESG

تستمر أسئلة الاستثمار المستدام في الصين مطروحة على الرغم من الأداء الفريد لأسهم الفئة “أ”، حيث يطرح المستثمرون الأجانب المحتملون هذه الأسئلة هو في كثير من الأحيان. ومع ذلك، تعمل الشركات الصينية اليوم مع مديري الأصول بشكل وثيق على هذا الأمر أكثر من أي وقت مضى، وتتزايد معرفتهم ببصمتهم الكربونية، ويدركون أنه من خلال تنفيذ ممارسات مستدامة، يمكنهم تحسين شكل وسمعة العلامة التجارية وكسب ولاء العملاء وفي النهاية ستتأثر أسعار الأسهم بشكل ملموس.

كما زاد وعيهم بالعوامل الاجتماعية، مثل كيفية تفاعلهم مع الموظفين والبائعين والمجتمع ككل. وبات من المعلوم أن الصدى الجيد لدى العملاء يؤدي لزيادة الربحية ويجذب اهتمام المستثمرين، وكل ذلك مرتبط بقدرة الشركات على عرض كيفية حماية بيانات العملاء، وإعطاء الأولوية للاستدامة البيئية، وتعزيز ثقافة الموظفين الجيدة والحفاظ على المعايير المعتبرة بين سلسلة التوريد الخاصة بهم.

ونظرًا لأن العديد من الشركات في الصين مستعدة الآن للانخراط في جميع جوانب إدارة وبناء الأعمال التجارية، فقد دفعنا ذلك لزيادة اهتمامنا بالصين. حيث يؤدي اختيار الشركات التي تتمتع بمعايير ESG قوية إلى تحسين فرصنا في الاستثمار في هذه الشركات الناجحة على المدى الطويل وتجنب إخفاقات الشركات الأخرى التي تتكبد الخسائر.

لقد كان هذا العام مليئا بالتحديات بالنسبة لمعظم الأسواق؛ لكن أسواق رأس المال في الصين استمرت في العمل بشكل جيد لذا فإن زيادة المشاركة الأجنبية، المدعومة بفرص النمو الهيكلية المرتبطة بالطبقة المتوسطة المتنامية، تدعم نظرتنا الإيجابية إلى هذا السوق وتسلط الضوء على أن المستثمرين المعرضين عن الصين يخاطرون بفقدان إمكانات قوية للنمو.

شاهد أيضاً

جامعة بدر تحتفل بالذكرى الـ48 لانتصارات حرب أكتوبر فى حضور كبار رجال الدولة

كتب : ماهر بدر نظمت “جامعة بدر” فى القاهرة احتفالية كبرى بمناسبة الذكرى الـ48 لانتصارات …