الهارب للشاعر سمير الزيات

الهارب
سمير الزيات
ـــــــــ
وَمَضَيْتُ أَبْحَثُ فِي الْمُدُنْ
عَنْ هَارِبٍ ، وَاهٍ فُتِنْ
قَدْ فَرَّ مِنْ صَدْرِي إِلَيْـكِ
فَلاَ اسْتَقَرَّ ، وَلاَ اطْمَأَنْ
قَدْ فَرَّ يَبْحَثُ عَنْ هَوَاكِ
كَأَنَّهُ مِنِّي أَحَنْ
فَأَتَاكِ مَحْمُوماً يُعَانِي
مِنْ صَبَابَتِهِ الْوَهَنْ
فَإِذَا بِكِ تَتَجَاهَلِيـنَ
كَأَنَّ شَيْئاً لَمْ يَكُنْ
***
بِالأَمْسِ غَنَّانِّي هُنَا
مِنْ شَدْوِهِ لَحْناً أَغَنْ
فَطَرِبْتُ مِنْ أَنْغَامِهِ
مَا بَيْنَ أَنَّاتٍ وَفَنْ
وَلَمَسْتُ فِي أَنْفَاسِهِ
شَجْواً مُثِيراً لِلشَّجَنْ
فَرَقَصْتُ كَالطَّيْرِ الذَّبِيحِ
بِغَيْرِ حِسٍّ فِي الْبَدَنْ
وَبِآَخِرِ الرُّوحِ الَّذِي
قَدْ صَارَ مِنْ وَهَنٍ يُجَنْ
***
قَدْ كَانِ يَبْكِي هَا هُنَا
مَا بَيْنَ أَحْضَانِي يَئِنْ
هَدْهَدْتُهُ ، وَحَضَنْتُهُ
وَجَعَلْتُ مِنْ صَدْرِي سَكَنْ
وَشَمَلْتُهُ بِعِنَايَتِي
حَتَّى تَرَاخَى وَاطْمَأَنْ
فَنَامَ كَالطِّفْلِ الْبَريءِ
الْمُسْتَكِينِ الْمُطْمَئِنْ
حَتَّى تَوَارَى الليْلُ عَنِّي
عَنْ صَبَاحٍ يَفْتَتِنْ
فَذَهَبْتُ أُوقِظُهُ وَأَسْأَلُ
عَنْ جَوَاهُ وَهَلْ سَكَنْ ؟
***
فَتَّشْتُ عَنْهُ فَلَمْ أَجِدْ
فِي مَهْدِهِ إِلاَّ الشَّجَنْ
فَتَّشْتُ مَا بَيْنَ الضُّلُوعِ
وَبَيْنَ أَعْضَاءِ الْبَدَنْ
فَتَّشْتُ مَا بَيْنَ الْعَذَارَى
لَمْ أَجِدْهُ بَيْنَهُنْ
وَسَأَلْتُ نَجْمَاتِ السَّماءِ
وَفِي السَّمَاءِ سَأَلْتُهُنْ
فَبَكَيْنَ مِنْ لَهَفِي عَلَيْهِ
وَلاَ جَوَابٌ عِنْدَهُنْ
***
وَمَضَيْتُ أَبْحَثُ فِي الْجِبَالِ
وَفِي الْخَمَائِلِ وَالْفَنَنْ
وَبحَثْتُ فِي كُلِّ الْقُرَى
وَبَحَثْتُ فِي كُلِّ الْمُدُنْ
حَتَّى تَعِبْتُ وَلَمْ أَجِدْ
غَيْرَ الْمَرَارَةِ وَالْوَهَنْ
فَرَجَعْتُ بِالأَحْزَانِ وَحْدِي
لاَ خَلِيلٌ أَوْ وَطَنْ
***
وَأَتَيْتُ أَسْأَلُكِ عَلَيْهِ
فَمَنْ سِوَاكِ أَتَاهُ ؟ ، مَنْ ؟
فَلَعَلَّهُ مَلَّ الْجَوَى
فَأَتَى إِلَيْكِ ، وَلَمْ يَهُنْ
لاَ تَصْمُتِي مَحْبُوبَتِي
إِنِّي أَمَامَكِ قَدْ أُجَنْ
وَأَكَادُ يَقْتُلُنِي الأَسَى
وَبِغَيْرِ ذَنْبٍ أُقْتَلَنْ
هَلاَّ أَجَبْتِ حَبِيبَتِي
أَيْنَ الْفُؤَادُ الْمُفْتَتَنْ ؟
***
مَنْ ذَا يَعِيشُ بِغَيْرِ قَلْبٍ
– فِي جُمُودٍ – كَالْوَثَنْ
مَنْ ذَا الَّذِي يَحْيَا الْحَيَاةَ
بِغَيْرِ نَبْضٍ فِي الْبَدَنْ
سَيَمُوتُ حَتْماً – فِي هَوَانٍ-
تَحْتَ أَقْدَامِ الزَّمَنْ
وَتَدُوسُهُ أَقْدَامُهُ
وَبِغَيْرِ سِعْرٍ أَوْ ثَمَنْ
لاَ تَصْمُتِي مَحْبُوبَتِي
وَكَأَنَّ شَيْئاً لَمْ يَكُنْ
***

شاهد أيضاً

شاهد تعليق تهاني التري : على خارطة النجاح لدولة الإمارات !!

متابعة : نبيل أبوالياسين قالت المستشارة “تهاني التري” نائب رئيس منظمة الحق الدولية لحقوق الإنسان، …