بعد قفزة الدولار.. مستويات «تاريخية» لعملات الخليج أمام الجنيه المصري

تقرير – محمود طلعت

القاهرة – خفض البنك المركزي المصري يوم الأحد 18 أكتوبر الجاري، قيمة الجنيه بواقع 10 قروش إضافية ليرتفع الدولار من 7.83 جنيه إلى 7.93 جنيه مصري بالبنك المركزي، و8.03 جنيه بالبنوك، مقابل 7.93 جنيه نهاية الأسبوع الماضي.

 

ويعتبر تحرك البنك المركزي إلى الخفض، هو الثاني على التوالي في أيام قليلة عقب خفض القيمة بواقع عشرة قروش الخميس الماضي الموافق 15 أكتوبر 2015.

 

وترى مؤسسات مالية دولية أن السماح بنزول سعر الجنيه قد يؤدي إلى تعزيز الصادرات وجذب مزيد من الاستثمارات، لكن الإجراء قد يرفع أيضًا فاتورة واردات الوقود والمواد الغذائية المرتفعة أصلا.

 

أسباب ارتفاع الدولار أمام الجنيه

يقول الدكتور رائد سلامة، الخبير الاقتصادي، إن نمط الاقتصاد الريعي القائم علي الخدمات والسياحة والتجارة والاستيراد فقط، سبب الأزمة، وللخروج منها، فإن الأمر يستوجب خطتين، واحدة علي الأجل القصير يتم بموجبها كبح جماح الاستيراد مرحليا، بوقف استيراد السلع التي لها بديل محلي بشكل كامل وبأسرع وقت ممكن.

 

وأضاف أن الخطة الأخرى متوسطة إلي طويلة الأجل، وتقتضي البدء فورا في وضع خطط لعمليات تصنيع حقيقية تحتكرها الدولة ولا تسمح للقطاع الخاص بالدخول فيها وتعتمد على موارد ذاتية من خلال ضم الصناديق الخاصة للموازنة واستعادة حقول الغاز في شرق المتوسط التي سرقتها منا قبرص ودولة الكيان الصهيوني، وكذلك وضع خطط عاجلة لتطوير الزراعة لأجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وفتح المجال الديمقراطي وإطلاق الحريات السياسية.

الدولار الأمريكي

ضبط سوق الصرف

قال محافظ البنك المركزي المصري، هشام رامز، إنه لن يتراجع عن ضوابط سوق الصرف ولن يترك الاقتصاد والمواطن لعبة في أيدي «تجار العملة».

 

وأضاف أنه رغم انخفاض أسعار السلع عالميا بنسب تصل إلى 50%، ما زالت تلك الأسعار مرتفعة في مصر دون وجود مبرر لهذا الارتفاع.

 

وأوضح أن توفير البنك المركزي للدولار للواردات يجري وفقا لقائمة أولويات تضم الاحتياجات الأساسية للدولة والمواطن وعلى رأسها المواد البترولية والسلع الغذائية والأدوية.

 

وحول الانتقادات الموجهة للبنك المركزي بشأن إجراءات ضبط سوق العملة، قال رامز إن تلك الضوابط معمول بها في العالم كله بل هناك دول تفرض إجراءات أكثر شدة، وهى أعراف عالمية تستهدف مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والغرض منها حماية الاقتصاد.

 

السوق السوداء

أكدت مصادر بسوق الصرف، أن سعر صرف الدولار في السوق السوداء ارتفع اليوم، الاثنين، إلى 857 قرشًا، مسجلة أعلى مستوى في تاريخها بارتفاع نحو 20 قرشًا، وذلك وسط ترقب كبير لعطاء البنك المركزى المصري الدولاري غدًا، الثلاثاء، وإمكانية الإبقاء على سعر الجنيه عند المستوى الحالي أو الاتجاه إلى تحريك السعر بخفض جديد.

 

وتوقفت حركة بيع الدولار بشركات الصرافة تمامًا بعد يوم من الخفض الثانى فى قيمة الجنيه أمام الدولار، ليصل إلى إجمالى الخفض إلى 20 قرشًا يومى الخميس 10 أكتوبر الجارى وأمس الأحد 18 أكتوبر، بقيمة 10 قروش خلال كل عطاء للعملة الصعبة من البنك المركزى المصري.

 

وقال متعاملون، إن حائزى الدولار من المواطنين امتنعوا أيضًا عن بيع حيازاتهم من العملة الصعبة، ترقبًا لتطور السعر خلال الأيام القادمة.

 

مستويات تاريخية لعملات الخليج أمام الجنيه

ارتفعت عملات مجلس التعاون الخليجي على أثر إرتفاع الدولار لتسجل إرتفاعا تاريخيا لم يحدث منذ فترة كبيرة.

 

ووصل سعر الريال السعودي أمام الجنيه المصري إلى 2.1274 جنيه للشراء، وللبيع 2.1399 جنيها، بعدما كان 2.10 جنيه يوم الخميس قبل الماضي.

 

وارتفع سعر الدرهم الإماراتي إلى 2.1726 جنيه للشراء و2.184 جنيه للبيع، بينما كان سعره يوم الخميس قبل الماضي 2.1454 جنيه للشراء و2.1565 جنيه للبيع.

 

أما الدينار الكويتي فكان له النصيب الأكبر حيث ارتفع سعر الدينار الكويتي ليسجل سعر الشراء 26.24 جنيها، بينما سعر البيع سجل 26.58 جنيها، في حين أن الخميس قبل الماضي كان سعر 25.95 للشراء، و للبيع 26.28 جنيها.

 

وأخيرا سجل الريال القطري ارتفاعه هو الآخر ليبلغ سعر البيع 2.20 جنيها، وسعر الشراء 2.17 جنيه.

 

صورة أرشيفية - عملات خليجية

تحذيرات من موجة غلاء

رأى الخبير الاقتصادي، الدكتور رشاد عبده أن تخفيض قيمة الجنيه يحقق من الناحية النظرية 5 مزايا، إلا أن هذه المزايا يمكن أن تتبخر بسبب عيب واحد هو زيادة الأسعار، موضحا أن المزايا الخمس من التخفيض تتمثل فى تخفيض فاتورة الواردات ورفع جاذبية الصادرات المصرية ودعم الإستثمارات الأجنبية والسياحة وتنشيط البورصة .

 

وأشار عبده إلى أن المركزى والحكومة يمتلكان 5 وسائل للتدخل فى مواجهة ارتفاع الأسعار بما يسمح لتعظيم مزايا تخيض الجنيه ومعالجة الآثار السلبية.

 

ولفت عبده الى أن المركزي يمكن أن يتدخل عبر السياسة النقدية عبر ثلاثة طرق هي: تخفيض حدود الإقراض الممنوحة للبنوك، لافتاً إلى أن النسبة المسموح بها حالياً تبلغ نحو 80 % من حجم القروض، معتبراً أن مثل هذه الخطوة من شأنها السيطرة على حجم السيولة فى السوق وبالتالى التحكم فى زيادة الأسعار .

 

والتحكم فى الاحتياطى النقدى للبنوك من خلال رفع نسب الإيداع المقررة للبنوك لدى المركزى ورفع سقف الفائدة على الودائع بنسبة تتراوح بين 1 إلى 1.5 %، وذلك لتشجيع المواطنيين على الإيداع بما يضمن شفط السيولة الزائدة من السوق .

 

وأشار عبده إلى أن الحكومة معنية باتخاذ خطوتين هما التدخل لدى الجهات والهئيات المعنية بالسلع فى الأسواق للوصول إلى أسعار مقبولة دون جشع، إضافة إلى تشديد الرقابة على الأسواق وانتهاج سياسة القائمة السوداء للتجار غير الملتزمين .

 

واستبعد عبده اتخاذ الحكومة أو المركزى لمثل هذه الإجراءات متوقعاً أن تشهد الفترة المقبلة موجة غلاء على مستوى السلع والمنتجاء بزيادة الأسعار لمستويات قد تصل إلى 2.5% .

 

مراقبة الأسعار

من جانبها حذرت الخبيرة المصرفية بسنت فهمي من موجة ارتفاع لأسعار السلع والمتنجات فى الفترة المقبلة وخاصة المستوردة منها، مطالبة الحكومة بمراقبة أسعار السلع وخاصة التي تمس الحياة اليومية للمواطن المصري البسيط، دون غيرها من السلع التي تهم الطبقات العليا من المجتمع.

 

وطالبت بضرورة قيام الحكومة بإنشاء هيئات مستقلة تابعة لها للإشراف على استيراد السلع الأساسية دون اللجوء لرجال الأعمال من المستودرين بعد أن بلغ الأمر مرحلة الجشع .

 

وطالبت بضرورة زيادة عدد الجمعيات الاستهلاكية ورفع قيمة الجمارك على الواردات، ووضع قائمة بعدد من السلع لحظر استيرادها وذلك لزيادة القدرة الجاذبية للمنتج المحلي بشكل أكبر.

 

سلع غذائية

قلق المستثمرين

ومن جانبه أشار محسن رشاد المدير العام بالبنك العربي الأفريقي، أن رفع سعر الدولار يرتبط ارتباطًا وثيقًا بزيادة معدلات التضخم و الاستيراد الذي وصل حجمه إلى 60 مليار دولار ، مشيرًا إلى أن البنك المركزي يدير السياسة النقدية وفقا لما يتراءى له من متغيرات.

 

واوضح أن رفع السعر الدولار أثار قلقا في مناخ الاستثمار و خاصة الأجنبي ، كما أثر بشكل سلبي على أسعار السلع ، حيث يلجأ التجار في مثل تلك الحالات لرفع الاسعار لتحقيق أكبر استفادة ممكنة.

 

تطمينات

نفى محافظ البنك المركزي المصري، هشام رامز، أن يكون الاقتصاد المصري على أعتاب مرحلة خطيرة، مشيرا إلى أن مصر بها سيولة محلية من الجنيه المصري، لكن المشكلة تكمن في إيرادات العملة الأجنبية التي لا تغطى الطموحات الكبيرة في الوقت الحالي.

 

وأوضح أن مصر سددت نحو 6 مليارات دولار خلال العام المالي الماضي التزامات مستحقة لعدة دول وجهات من بينها، مستحقات مالية لدولة قطر، بالإضافة إلى 1.4 مليار دولار لدول نادى باريس كجزء من الأقساط السنوية المستحقة للمجموعة.

شاهد أيضاً

الأزمة في تونس: كيف وصلت البلاد إلى هذه المرحلة؟

تحقيق/حماده جمعه في عام 2011 انطلقت شرارة ربيع الثورات العربية من تونس، وما لبثت أن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *