بهدوء

بقلم عبد العليم مبارك 

رائع وجميل أن يكون لدي الإنسان مبادئ معينة يستند إليها في تكوين وجهات نظره في قضايا مختلفة ولكن ليس من المعقول تحول وجهات النظر هذه بشكل او بآخر الي “معتقد ” لا يقبل النقاش او التغيير ، فالإنسان صاحب رأي ما عليه إبقاء رأيه ضمن محيط النقاش وخلق أرضية حوار مرنة يتم بواسطتها تداول رايه من أكثر من جهة بحيادية ، لضمان الخروج بنتيجة تخدم القضية المطروحة . كثير هم الناس يطرحون وجهات نظرهم ولكن قليل هم الذين يستمعون لها والسبب في ذلك ان كل إنسان يتبني وجهة نظره كأنها نص قرآني لا يقبل التحريف لذلك تجده يرفض وبشدة وجهة النظر المخالفة لرأيه ويجادل بل يقاتل في سبيل قمعها ويعتبر هذا الخلاف ساحة معركة يجب عليه الخروج منها منتصرا متناسيا أن أي وجهة نظر تطرح لتكون موضوع نقاش ، فلا يجب التعامل مع الآراء الشخصية علي أنها حقائق علمية تنحني لمن يصدقها وتكشر عن انيابها لمن ينكرها ، وفي النهاية خلافك مع شخص ما في قضية ما لا يعني بالضرورة وضع هذا الشخص ضمن قائمة الأعداء. في اعتقادي الشخصي ان الاختلاف في كثير من الحالات يقود الي حلول ، فإذا خالف شخص ما وجهة نظرك فهو في واقع الأمر يطرق لك أبوابا لم تكن ضمن حسابتك بل يدفعك الي التفكير مليا في سد الثغرات التي افرزتها وجهة نظرك وهذا قد يزيل حساسيتك “غير المبررة ” من الاستماع الي الأصوات التي تخالف اراءنا. فوجهة النظر لا تعدو كونها استنتاجا عقليا يعبر عن مدي تفاعلك مع قضية تبحث عن حل او ظاهرة معينة كان لها الأثر الواضح في المجتمع ، فهي في النهاية تستمد قوتها من توفر المعلومة لديك عن القضية المطروحة للنقاش ، لأنه قد تلتقي بشخص يكون يملك معلومات وفيرة تعزز وجهة نظره، فأنت في هذه الحالة أمامك خياران إما أن تكون مرنا بالقدر الكافي للخروج بنتيجة إيجابية من الحوار معه ، او أنك تسارع بلا تردد في وضع هذا الشخص ضمن قائمة أعدائك! !! إذا كنت تعتقد أنك تملك الحق في إبداء وجهة نظرك فالاخرون يملكون الحق نفسه ، وإذا كنت تريد أن تلعب دور المتكلم دائمآ فالاخرون لا يريدون أن يلعبوا دور المستمع دائما. فوجهة النظر لا تقاس بقدر ما تتكلم وإنما تقاس بما تتضمنه من منطق يكون له الأثر الواضح في نفوس الآخرين . فإذا كنت تريد التأكد من فعالية وجهة نظرك قدمها للآخرين ضمن إطار النقاش الحر وأنك لا تمانع في تغييرها إذا وجد المبرر لذلك ، أفعل ذلك وستر النتيجة . “إذا خفت لا تقل .. وإذا قلت لا تخف “

شاهد أيضاً

الأزمة في تونس: كيف وصلت البلاد إلى هذه المرحلة؟

تحقيق/حماده جمعه في عام 2011 انطلقت شرارة ربيع الثورات العربية من تونس، وما لبثت أن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *