تعرف على اسباب استهداف داعش لباريس

سميه منير

أعد المركز الاقليمى للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، دراسة مفصلة يرصد فيها الهجوم الداعشي على باريس، وأسبابه المُحتملة وتأثيراته على منطقة الشرق الاوسط، حيث اشارت الدراسة الى ان تأثيرات تلك الأعمال الإرهابية ستتجاوز حدود فرنسا، لتصل إلى منطقة الشرق الأوسط.

ورجحت الدراسة أن تكثف فرنسا فى المرحلة المقبلة من أنشطتها العسكرية فى سوريا لاسيما عمليات القصف الجوي لمواقع داعش، مما سيصب فى مصلحة نظام الأسد، ذلك فضلاً عن فرض مزيد من القيود على استقبال اللاجئين ،خاصة من سوريا والعراق، بالتزامن مع مزيد من التضييق على اللاجئين الموجودين بالفعل فى الأراضي الفرنسية، مما قد يدفعهم للرحيل لدول أوروبية أخري.

وقالت الدراسة التى أعدتها مجموعة تحليل الأزمات بالمركز الاقليمى، المعنية بمتابعة وتحليل الأزمات التي تقع في الإقليم،في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، وتحمل عنوان “مشهد متكرر: التفسيرات المحتملة لإعادة استهداف داعش لفرنسا” ان هناك ثمانية اسباب وراء استهداف فرنسا من داعش، أولها الطبيعة العلمانية المتشددة للنموذج الفرنسي، والتى قد تصل للتطرف فى بعض الأحيان، وبالتالي فإن مسألة المساس المستمر بالأديان خاصة مقدسات الدين الإسلامي تعتبر من الأمور المتكررة فى فرنسا، وتعد قضية الرسومات المسيئة للرسول فى صحيفة تشارلي إيبدو منذ شهور أحد أبرز الأمثلة على ذلك.

وأضافت أن من بين الأسباب أيضا، تغير الموقف الفرنسي تجاه تنظيم داعش، فعلى الرغم من رفض فرنسا الانضمام للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمواجهة داعش فى سوريا والعراق طيلة الفترة الماضية، إلا أن الموقف تغير مؤخراً، حيث شنت المقاتلات الفرنسية عدة غارات على بعض المواقع النفطية التابعة للتنظيم فى شمال شرق سوريا في نوفمبر الجاري.

وأشارت إلى التقارب بين فرنسا والبلدان التي تحارب الإرهاب فى المنطقة، يعد أحد الأسباب، حيث شهدت الشهور الأخيرة تقاربا شديدا بين فرنسا من جانب، وعدد من البلدان العربية لاسيما تلك التي تقود حربا شرسة ضد التنظيمات الإرهابية من جانب أخر، حيث أكدت تلك الدول على شراء الأسلحة بهدف مواجهة الإرهاب فى المنطقة.

وأوضحت الدراسة أن رابع الاسباب يتمثل في تعاظم مشكلات الجالية الإسلامية فى فرنسا، إذ تعتبر الجالية الإسلامية فى فرنسا هي الأكبر على مستوي البلدان الأوروبية، حيث يتراوح عددها بين 5 إلى 6 ملايين مسلم، وترفعها تقديرات أخرى إلى 7 ملايين فى الأراضي الفرنسية، وعلى الرغم من ضخامتها إلا أنها لا تزال تعاني من المشكلات التي تعوق عملية اندماجها بالشكل الكافي داخل المجتمع الفرنسي.

وأضافت الدراسة أن خامس الأسباب هو تزايد معدلات الانخراط الفرنسي فى قضايا المنطقة، حيث تعد فرنسا لاعباً رئيسياً ومؤثراً فى مختلف ملفات وقضايا الشرق الأوسط، فهي تقود حربا شرسة ضد نظام بشار وتدعو المجتمع الدولي بشكل مستمر لضرورة إسقاطه، ومن ثم فقد تحولت لطرف أصيل فى معادلة الصراع، وبالتالي، فقد اكتسبت فرنسا خلال الفترة الماضية قدرا كبيرا من الخصومات والعداوات فى المنطقة، مما جعلها أكثر عرضة للاستهداف عن غيرها من الدول.

أما السبب السادس فيتمثل في تغلغل التيارات والتنظيمات الإسلامية بفرنسا، إذ تنتشر الجمعيات الإسلامية المرتبطة بعض التنظيمات بخاصة جماعة الإخوان المسلمين، وتشير عدة تقارير لبلوغ عدد الجمعيات والهيئات الإسلامية فى فرنسا لما يتجاوز 250 جمعية، تنتشر بشكل واسع فى الجامعات والمساجد الكبرى، وهذه التنظيمات الدينية ذات الخلفيات والأيديولوجيات السياسية تسعي للتمدد ونشر أفكارها من خلال تلك الجمعيات، وتنتقل من الاعتدال إلى التطرف رويدا رويدا متى تهيئت الظروف الداخلية والدولية.

وأوضحت الدراسة أن سابع الأسباب هو قابلية الفرنسيين للانضمام للتنظيمات الإرهابية المسلحة، فوفقاً للبيانات التي أعلن عنها وزير الداخلية الفرنسي خلال تصريحاته فى مايو 2015 أمام لجنة تحقيق فى البرلمان الفرنسي عن مراقبة المتطرفين، فإن عدد الفرنسيين المتورطين مع الجماعات المتطرفة ارتفع من 1683 شخصاً من الفرنسيين المقيمين داخل فرنسا بزيادة تقدر بـ203 % مقارنة بشهر يناير 2014. ذلك فى الوقت الذي أكدت فيه تقديرات وزارة الداخلية الفرنسية عن أن عدد المقاتلين الفرنسيين فى صفوف التنظيمات الإرهابية بلغ 1000 شخص، من بينهم 900 فى سوريا، و100 فى ليبيا.

​أضافت الدراسة أنه في تقدير آخر لمركز مكافحة الإرهاب فى فرنسا بلغ عددهم 800 جهادي فى سوريا والعراق من بينهم 450 مازالوا يقاتلون، و108 قتلوا، 260 غادروا سوريا والعراق إلى جهات غير معلومة قد تكون فرنسا أحد تلك الجهات. ولعل التخوف الأكبر من الرؤية الإيجابية للفرنسيين اتجاه داعش فوفقاً لاستطلاع رأي تم إجراؤه من قبل أحد القنوات التلفزيونية على عينة من 1000 شخص فإن 15% منهم لديهم رؤية إيجابية اتجاه تنظيم “داعش”.

وأشارت الدراسة إلى أن أخر الأسباب، تزايد أعداد اللاجئين إلى فرنسا، فلا يمكن اعتبار فرنسا من الدول كثيفة استقبال اللاجئين لاسيما القادمين من سوريا والعراق، إذا ما قورنت بألمانيا والدول الاسكندنافية، حيث يبلغ عدد اللاجئين من دول المنطقة لفرنسا وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة ما يقرب من 6700 لاجئ فقط، لكن تظل التقارير الاستخباراتية المختلفة تشير إلي إمكانية تسلل بعض العناصر الإرهابية إلى الأراضي الفرنسية وسط مجموعات اللاجئين، وهو ما يجعل فرنسا معرضة بشكل مستمر للاستهداف من قبل التنظيمات الإرهابية.

شاهد أيضاً

شاهد تعليق تهاني التري : على خارطة النجاح لدولة الإمارات !!

متابعة : نبيل أبوالياسين قالت المستشارة “تهاني التري” نائب رئيس منظمة الحق الدولية لحقوق الإنسان، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *