فنجان قهوة

بقلم عبد العليم مبارك

تتهادي العبرة السجينة بداخل القلب لتعود إليه، يأبي عقلي خروجها ،وليتها تخرج . ليتها تمزق كل هذه الآهات المكتظمة والجاثمة علي صدري . من المؤلم أن تكون سببا في تعاسة غيرك وإن اسعدته. ومن المحزن أن تكون سعادة له وفي ذات الوقت حزن عميق في قلبه وقلبك . يخيل لنا واقعنا المريض ان السعادة بسمه ترتسم علي الشفاه ، وكبرياء يتطاول الي ما لا نهاية وشموخ يحتضن نجمه . كل من حولك يسعد بك، ويتألم لتألمك ،وأنت تسعد بسعادتهم بألم ،ألم إدراك ان هذه السعادة ظاهرية ،وكأنك تخدعهم. هناك شفاه تبتسم ،وهنا صرخة فرح تجلجل، وبعد أن تنتهي هذه اللحظات ،ننطوي علي أنفسنا . ونلتحق هموم فرشنا الباردة والمفتقدة لكل ذلك الدفء الذي نتمني . الشعور بالتناقض، وتناقض المشاعر يسيطر علي ذاتنا ،حتي أصبحنا نستوحش ذاتنا . ونعيش في غربة عنها ،تجعلنا نبحث عنها من جديد ،ومع كل قطرة تفيض من قلوبنا نشعر بالمرارة ،ومع كل عبرة تنتهز كل لحظات ضعفنا (التي لا تظهر حولنا )لتخرج خفيه تطلب جفافها ،لتنطلق حرة تحطم قيود أسرها ،وربما تستعيب ذاتها مع ملوحة غيرها ،مع كل لحظة نشعر بالمرارة بالرغم من بقايا الراحة التي بالكاد نشعر بها . نتوقع أن نمنح غيرنا السعادة ، وفي الواقع أننا نمنحهم الألم، حتي عندما نكون سببا في إشراقة الأمل في نبضاته ،وهذا هو التناقض المرعب الذي يؤرقنا. فتصبح في منطقة (اللاحراك )نخشي التقدم ولا نتمني الرجوع . إن واصلنا المسيرة زاد الألم ازدياد الأمل، وأن توقفنا زال الأمل وتجدد الألم وكبر ،وهنا نتوقف بلا تردد مملوء بكل معاني التردد ، لعلنا ندرك ماهية هذا التناقض ؟! ولعلنا نستطيع أن نذيب بعضه في تلك المساحة (المحايدة ) بين الألم والأمل، وليتنا نجدها لنتخلص منه والي ذلك الوقت يستمر احساسنا بالتناقض ، ونتعايش ويستوطن مشاعرنا كل هذا التناقض .

شاهد أيضاً

الأزمة في تونس: كيف وصلت البلاد إلى هذه المرحلة؟

تحقيق/حماده جمعه في عام 2011 انطلقت شرارة ربيع الثورات العربية من تونس، وما لبثت أن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *