لا احم ولا دستور …. مَثَل توارثه المصريون له قصة وله تاريخ

محـمد جمال

 

الامثلة التى لها حكاية وقصة عديدة ومنتشرة بين العوام ، لم يعرف الكثير منا تاريخها الا القليل ، والبعض منا ايضًا يسعى جاهدًا لكى يدرك حقيقة هذا المَثَل حتى يحصل على المصدر الذى يتناول هذه المعلومة الممتعة ويرويها للآخرين اذا تقبلها عقله واقتنع بها .
ولو تناولنا مَثَل ( لا احم ولا دستور ) كغيره من الامثلة يتضح الينا أن العامة تقوله عندما يدخل شخص ما مكانَا من غير استئذان أو عندما يُفزع الشخص من شئ ما ، وقبل أن أتحدث عن هذا المثل لابد أن أشير عن بداية الحياة الدستورية ووضع أول دستور فى مصر تمهيدًا للحديث عن هذا المثل
بدأت الحياة الدستورية فى مصر قبل دخول الحكم البريطانى مصر بشهور قليلة بوضع أول دستور فى فبراير عام 1882 م ، ولكن لما تمكنت انجلترا من احتلال مصر فى 14 سبتمبر عام 1882 منعت السلطات المحتلة تطبيقه ، وكانت مقدمات هذا الدستور تكمن فى تأسيس لائحة المجلس العالى عام 1834 م المؤلَف من نظار الدواوين ورؤساء الحكومة واثنين من التجار و اثنين من العلماء و اثنين من الاعيان وأنشئ لاتساع شئون الحكومة ، كما تضمن هذا الدستور أيضًا تنفيذ قانون السياستنامة الذى حدد اختصاصات الحكومة
وبعد ذلك أنشئ مجلس شورى النواب فى عهد الخديو اسماعيل فى عام 1865م وهو مجرد هيئة استشارية وكان المؤيد لحكم الخديو كان يجلس ناحية اليمين أما المعارض فدائما ناحية اليسار وصدرت لائحة تأسيس المجلس فى 22 أكتوبر عام 1866 م
و قام محـمد شريف باشا المُلقب بأبى الدستور بوضع دستور من 49 مادة ولكن لم يُطبق لعزل الخديو اسماعيل رغم موافقة مجلس النواب عليه وذلك فى عام 1879م ، وقد حدد هذا الدستور مقر مجلس النواب فى القاهرة وألزم بحق نواب المجلس بالتمتع بالحصانة البرلمانية
وبعد ثورة 1919م وضعت لجنة تأسيسية دستور 1923م بأمر ملكى فى عهد الملك أحمد فؤاد الاول رقم 42 ذلك الدستور الذي منح الملك بعض الصلاحيات منها حقه فى اقالة الوزارة وحل مجلس النواب ، وعُقد أول برلمان بمقتضاه فى 5 مارس عام 1924م ، ومازال العمل بهذا الدستور مستمرًا لمدة 7 سنوات حتى تولى اسماعيل صدقى الوزارة وعرقل تنقيذه وأحل مكانه دستور 1930 الذى وسع فيه سلطات الملك ، ولكن سرعان ما أعيد دستور 23 واستمر تطبيقه حتى اندلاع ثورة يوليو 1953م بل وعُدِل عام 1951م لكي يمتلك الملك فاروق لقب ملك مصر والسودان بدلا من ملك مصر فقط
على اثر قيام ثورة 23 يوليو 1952م ألغت حكومتها دستور 1923 فى 10 ديسمبر 1952 ، وشكلت لجنة لوضع دستور فى 13 يناير 1953 فى عهد الرئيس محمـد نجيب وقد أعلن عليه ثانيًا فى 10 فبراير 1953 وظل معمولا به حتى سنة 1956
وفى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تم الاعلان الدستورى النهائى فى يناير 1956م وظل العمل بدستور 1953 م حتى عقد استفتاءً على الدستور الجديد فى يونيو عام 1956 والعمل به فى العام نفسه
وبعد قيام الوحدة بين مصر وسوريا صُدِر دستور فى مارس 1958 لكى يتلائم مع الوضع الكامن فى الوحدة بين مصر وسوريا واستمر تطبيقه حتى عام 1964 م رغم انفصال البلدين عام 1961م ، ولكن صدر الدستور المؤقت عام 1964 الذى استمر حتى عام 1971م حيث وافق مجلس الشعب على صدور الدستور الدائم عام 1971 م وقد تم تعديله فى عام 1981 م و 2005 و 2007 م

أما عن حديثنا عن مَثَل ( لا احم ولا دستور ) فهو مجرد نكتة أُشيعت بين المصريين حتى الآن ، يرجع تاريخها الى فترة بطلان العمل بدستور 1923 فى عهد وزارة اسماعيل صدقى – كما ذكرنا- ، فذات مرة كان رجل يسير ليلًا وصدرت منه كحة خفيفة وكان يمشى أمامه شرطى فقال للرجل ( امشى فى حالك ) فرد عليه الرجل وقال له ( يعنى مفيش فى البلد دى لا احم ولا دستور )

ومن هنا انتشرت هذه الجملة على ألسن المصريين وتوارثوها جيلاً بعد جيل

شاهد أيضاً

جلسة تصوير “رومانسية لريهام أيمن وشريف رمزي من المصور إسلام سليمان

سامح علي خضع الفنان شريف رمزي وزوجته الفنانة ريهام أيمن لجلسة تصوير مع المصور إسلام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *