مصر الآن

إيلون ماسك وأسرع صفقة «شراء تويتر»

بقلم:نبيل أبو الياسين
في بداية مقالي أطرح سؤالاً لماذا تحتاج “تويتر” إلى الرجل الأغنى إيلون ماسك؟،
ولماذا هذه الصفقة تمت بسرعة؟، فمنذ أن بدأت الأخبار تتوالى عن نية “إيلون ماسك” في الإستحواذ على بقية أسهم منصة “تويتر” من ملاكها التاريخيين، حتى أتم صفقتهُ في أيام قليلة، ودون أن يبذل وقتاً طويلاً في المفاوضات بما يقرب من 44 مليار دولار، وإخراج جميع المستثمرين من المنصة، وتحولها إلى شركة، وملكية خاصة.
وأن دخول “ماسك”شركة تويتر، وخروج الملاك السابقين الذين أسهموا في رسم سياستها، وطريقة إنتشارها، ونموها خلال السنوات الماضية يعد تغييراً في مسيرتها يفترض أن يسفر عن تقديم سياسات جديدة قد تأخذ منصة التدوينات القصيرة إلى مكان آخر، ما يطرح تسائُلاً؛ هل يعُد هذا أمراً إيجابياً أم سلبياً؟.
مهمة شاقة أمام إيلون ماسك بعد الإستحواذ على منصة التواصل الإجتماعي “تويتر”، يعطي “إيلون ماسك” إنطباعاً بأنه يستمتع بوقته منذ قبول هذه “المنصة” أخيراً عرضه بشرائها، لكنّ نحن نُحذر من أن إدارة شبكة رائجة لكنها قليلة الربحية قد تكون لها تبعات سلبية للغاية على الرجل الأغنى في العالم، ويريد “ماسك”رئيس “سبايس إكس”وتيسلا إمتلاك شبكة التغريدات بهدف معلن يتمثل في جعلها حصناً لحرية التعبير، وهو شرط لازم للديمقراطية.
وقد تحدث الرجل الأغنى “ماسك” عن عزمه وضع حد للرسائل غير المرغوب بها وتلك الإعلانية، فضلاً عن إعتماد “خوارزميات “المصادر المفتوحة، ونيته تنويع مصادر الدخل، ولكن نرىّ ، ويراها المراقبين أيضا، أن هذه الأفكار المطروحة بتسرع ظاهر لا تعكس أي خطة متماسكة، بل تنطوي على تعارض في ما بينها.
لانهُ كانت لدى الكثير من رواد الإنترنت هذه الأخلاقيات التحررية، وكانوا يعتقدون أن جميع الآراء يجب أن تكون مفتوحة للنقاش في المنتديات العامة، ولكنّ الأمر أكثر تعقيداً بكثير مما يراه البعض، لأنه يرتبط ذلك أولاً؛ بالإشراف على المحتوى، وكتب عن هذا في وقت سابق المحلل المستقل المتخصص في شركات التكنولوجيا الكبرى “بنديكت إيفانز” على تويتر ستحصل صدمة رهيبة عندما يكتشف حقيقة الوضع.
ولترسيم حدود التحرك في شبكته الجديدة، يريد “ماسك” الأكثر ثراءً الإلتزام بالقانون، لكن المشكلة تكمن في ضرورة تعامل “تويتر” مع تشريعات مختلفة كثيرة، ولانستبعد إدراج الرسائل الإقتحامية غير المرغوب بها بموجب القانون الأميركي ضمن نطاق حرية التعبير، وهذا مالفت إلية “كريس بيل” لاعب كرة القدم المعروف،
في أوروبا، من ناحية أخرى، سارع مسؤولون كبار إلى التذكير بضرورة أن تبذل كل المنصات جهوداً لتحسين مكافحة المحتوى غير القانوني، بموجب تشريع جديد في هذا المجال.
أما من الناحية العملية، يمكن فتح الباب أمام المعلومات المضللة، وأشكال معينة من المضايقات أن يخيف الكثير من المستخدمين، والمعلنين، كما أن الشبكات الإجتماعية لليمين الأميركي التي تتخذ حرية التعبير شعاراً لها، لم تحقق أي نجاح يُذكر حتى الان.
وحاولت منصة التواصل الإجتماعي “فيسبوك”، وشبكات أخرى تحديد قواعد مشتركة، من دون تقديم أداء مقنع في ظل إتهامات لها بالتراخي من جانب اليسار، وبممارسة الرقابة من اليمين ومن “إيلون ماسك” نفسه،
وأوضحت بعض الأساتذة المتخصصين من جامعة “كولورادو” وغيرهم في هذا الآمر أن”تويتر ليس مجتمعاً، وهناك الكثير من المجتمعات التي لا تتفق على الإطلاق مع بعضها البعض.
وفي الغالب ما نراهُ، وما قد يراه البعض مزاحاً يمكن أن يشكل تحريضاً على العنف لدى آخرين، ويدعو”إيلون ماسك” أيضاً إلى مزيد من الشفافية في “الخوارزميات” التي تنظم التغريدات، وتعطي الأولوية للبعض بدلاً من آخرين، ويثير هذا الإقتراح بجعل البرامج متاحة “مصدر مفتوح”، وحماسة لافتة لدى المستخدمين الراغبين في رؤية” الخوارزميات”.
سياسات “تويتر” القديمة كانت مشكلة، وعانت “تويتر” مشاكل كثيرة خلال السنوات الماضية، كانت جلية في نمو جميع المنافسين بشكل فاق في عدد المستخدمين، وعلى سبيل المثال وليس الحصر سناب شات، بدأ نسخته التجريبية في 2011، أي بعد أن حلق الطائر الأزرق بـ خمس سنوات، ولكن عدد المستخدمين فيه أصبح منافساً للمنصة القديمة،
“إنستغرام” تخطاه في عدد المستخدمين بأضعاف مضاعفة، والأمر ينطبق على “تيك توك” أيضاً، إضافةً إلى “فيسبوك” الذي كان في يوم من الأيام المنافس الوحيد لـ”تويتر”، وكانت المنافسة في ما بينهما محتدمة حتى تجاوزه الأول.
وصعوبات “الطائر الأزرق” تويتر في النمو والتحسين
حيثُ تعاني المنصه أيضاً مشاكل في تطوير خدمات جديدة، فعلى سبيل المثال مرتادو المنصات المنافسة حصلوا على تحسينات، وتغييرات كثيرة تحسن من جودة الخدمة، وتنوع الخدمات فيها، ما عدا “الطائر الأزرق”، التعديل الوحيد الذي وصلوا له هو ميزة المساحات، وميزة أخرى تم إلغاؤها سريعاً، وهي “فليت” التي تشبه منصة”سناب شات”أما بخصوص نقاط القوة فرغم أن “تويتر” يعاني مشاكل كثيرة في التطوير، ولكنه يعد من أقوى منصات التواصل بين المستخدمين، وتعتمد عليها الحكومات بشكل كبير حول العالم، فتجد أغلب الرؤساء يعتمدون عليها في إيصال رسائلهم والتواصل مع المستخدمين بشكل فعال.
وعجز “تويتر”عن حل المشاكل
في عام 2015، واجهت المنصة صعوبات كثيرة في النمو، وتحسين الخدمات، فما زالت المنصة تعاني مشاكل كثيرة مثل الحسابات الترويجية التي تنشر محتوى غير مناسب، وتكون التغريدات بالغالب إعلانية للترويج لمنتج معين، وهو ما يؤثر على ميزة “الهاشتاغ”، فلو قمت بالدخول لأي هاشتاغ في منصة”تويتر” من الصعب أن تجد تغريدة واحدة تتعلق به، بل ستجد سيلاً من تغريدات إعلانية كثيرة خارج الموضوع الذي أنشئ عليه الموضوع الأساسي، في الهاشتاغ.
أصبحت منصة “العصفور الأزرق” بأهمية المؤسسات الدولية لمئات ملايين البشر في خلال عقد طويل، كما حدث مع خدمة “فيسبوك” قبلها، فجزء لا بأس به من البشرية بات مرتبطاً، ومتكلاً على السوشيال ميديا بشكل حيوي وحياتي، لا سيما قطاعات الشباب، والمجتمعات المدنية، فبعد أن كانت الإنترنت مكاناً للإستكشاف، والترفيه في نهاية التسعينيات، وأوائل القرن العشرين، وباتت مساحة حقيقية، ولو كانت غير مادية، للحركة الإنسانية على جميع الصُّعد، السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والثقافية، والفنية، إلى عمق المسائل النفسية.
ومع تصاعد التسييس في عالم “تويتر”، ومشاركة الرؤساء، والزعماء، والملوك، ورؤساء الحكومات، الحاليين والسابقين، والوزارات، والأحزاب، والمثقفين، والملايين من المسجلين، بات “فضاء تويتر” نوعاً من سوق إفتراضي تتلاقى فيه الأفكار، والثقافات، والتعليقات، بسرعة الصوت، وربما أسرع، إذا تم رصدها عبر الكوكب.
وباتت هذه المنظومة أيضاً سوقاً إقتصادية، وسياسية تؤثر في الحياة السياسية في عالم الواقع، وتؤجج التظاهرات، والثورات، والصدامات، والحروب، وغيرها من الأحداث والتطورات في العالم، تنظمت مجموعات الضغط، وشبكات المصالح، والنخب، لتحاول السيطرة على هذه المساحة، وتنظمها، فتجلت في قوتين؛ الأولى تشكلت عبر شبكة نخبوية لمن حصل على الإشارة الزرقاء، وهي إعتراف بالشخص المشارك مؤثراً؛ أي صاحب رأي ما، وأصحاب الإشارة الزرقاء بالنخبة المؤثرة في النقاش، والمواضيع، وفي النهاية، إرساء قواعد ما هو مقبول وغيره، وشرعي في عالم “تويتر”.
كل هذا أدى إلى سيطرة “النخبة الزرقاء” على عملية إطلاق مواضيع النقاش Trends، فإذا أطلقت “مجموعة عالية” من هذه النخبة ملفاً للتداول، تلحقها مئات الحسابات بالتغريد، وتتشابه جميعها بشكل كبير وكأنها راجمة تصب ضغطها على رواية معينة، أو مؤسسة، أو شخصية ما، وتفرض التفسير والخطاب المسيطر عليها، من هنا وفي خلال العقد الماضي، بات لـ”تويتر” نخبة منظمة تقود المحتوى، وتفرضه على المنصة عبر “عواصف تغريدية”.
ومن هنا ألفت في مقالي؛ إلى من يتحكم بـ «الجيش الأزرق»يسيطر على ثقافة المنصة كأمر واقع، والمتحكم عملياً، وخاصةً منذ نهاية عقد الألفية الثانية هو النخب الغربية السياسية، والثقافية، والاجتماعية، والفنية، المتكوكبة حول اليسار الأميركي الجديد وحلفائه، بسبب كثافة أعداد مثقفيه، وتموقعهم في مختلف قطاعات الفكر والفن، والجامعات، والإعلام، والصحف وغيرها، إلا أن الفريق المعروف”كـ” محافظين في أميركا، والغرب لهم أيضاً وجودهم الكثيف ولكن ليس بقوة المعسكر «النيوليبرالي».
وأتساءل؛ ويتساءل البعض أيضاً لماذا يتم التركيز على الانقسامات السياسية الأميركية وليس على التوزيعات السياسية في العالم أجمع بصفه عامه؟ الجواب واقعي وهو أن منصة “تويتر”، ولو كانت على مستوى عالمي، تبقى عملياً شركة أميركية، وبالتالي تدور المجابهات التغريدية في إطار الفلك “السيبراني” الأميركي،
أما القوة الثانية التي تلعب دور الضبط والإيقاع لحياة التغريد، فتكمن في سلطة المؤسسين والمجلس التنفيذي، ومقره سان فرانسيسكو.
وختاماً: المجلس هو من يدير ويرسم السياسة والخطاب المقبول، إلا أن هنالك من لديه قدرة، ونادراً ما يستعملها، وهم المساهمون، أي مالكو الأسهم، وهنا ترسم خريطة المواجهة المقبلة، وهذه الهزة أيضاً تأتي من ساحة الصراع السياسي الأميركي.
وإلى الآن لم تنتهي الحرب الأميركية داخل “تويتر”، وطبيعي إنعكست المواجهات السياسية في أمريكا على مساحة التغريد، وتصاعدت بقوة خلال الأعوام الماضية، لا سيما خلال فترة الرئيس السابق”دونالد ترامب”، حيثُ صعدت المعارضة ضده بشدة على “تويتر”، وقصف”ترامب” أيضاً بضراوة من حسابه الرسمي والخاص.
وشهدت آخر سنة لولايته أعنف المواجهات السيبرانية التي عكست المواجهات الميدانية في شوارع بورتلاند، وسياتل، ونيويورك والعاصمة، بين إنتيفا، من ناحية والشرطة من ناحية أخرى، وتحولت ساحة التغريدات إلى مكسر عصا بين المعسكرين، وبدأت سلطات “تويتر” تعلق حسابات قريبة من ترمب، حتى وصلت إلى من تعليق ثم إزالة حسابه الذي وصل إلى أكثر من عدة ملايين متابع. وعلى الرغم من ملايين الأنصار له ، قررت إدارة “تويتر” الإزالة تحت ضغط أكثرية أصحاب الإشارة الزرقاء، وأدى إنهاء ترمب من “تويتر” إلى تعميق الانقسام السياسي في البلاد.
وأؤكد: أنه ليس من الواضح ما إذا كان يريد مالك”الطائر الأزرق” الجديد إيجاد قيمة إضافية، أو التمسك بهدف فلسفي إجتماعي، ولكن رغم كونه أغنى رجل في العالم، سيتعين على ماسك ضمان تحقيق “تويتر” مزيداً من الأرباح لذا؛ أدعو قيادات دولنا الدول العربية بالتفكير في مصلحة بلادنا في المقام الأول، والإستمرار في مكافحة المعلومات المضللة، فضلاً عن؛ إتخاذ قرارات هامة من شأنها تحسين هذه المنصات، من خلال وضع لوائح قانونية بشأنها ويتم الإعلان عنها في أقرب وقت، ونحن “كـ ” حقوقيين وصحافيين، وباحثين في الشأن العربي ، والقضايا الدولية سنقوم بدورنا بحزم في مكافحة المعلومات المضللة في أي مكان.
قد تكون لقطة شاشة من Twitter لـ ‏هاتف‏
١
تعليق واحد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى