منوعات
البقاء للأقوى
بقلم عبير مدين
في عالم السياسة من الطبيعي أن يحترم العالم الأقوياء و تتعاون دول المحيط الإقليمي مع الدول التي تسلك طريق الإصلاح والتغيير والتطور ولا تتعاون مع الدول الضعيفة الفقيرة أو المدينة. فأي دولة دور الحاكم هو البحث عن مصالح شعبه أولا ولا يكون حريصا على مصالح الدول التي يسميها في خطبه بالشقيقة أكثر من مصالح دولته ففي عالم السياسة لا وجود لكلمة اخ وشقيق ولا القسم باغلظ الايمان، فقط لغة المصالح هي اللغة الرسمية المعترف بها بين الدول، ونجاح اي حاكم في قدرته على اختيار حكومة تقوم بتنفيذ برنامجه الانتخابي بنجاح وأن يشعر المواطن في عهده بتحسن في الدخل يرضيه هذا التحسن انعكاس نجاح اقتصاد الدولة ومقدار وعدد المشاريع التنموية والخدمية التي قامت بدعمه سواء كانت هذه المشاريع ملك القطاع الخاص المحلي أو استثمار اجنبي، ومن هنا فإن بعض الدول أحدثت نقلة نوعية كبيرة و تغييرا جذريا في سياستها الداخلية والخارجية وتبنت حزمة من الإصلاحات المدروسة في كل النواحي فنجحت وجعلت منها وجهة للاستثمار الأجنبي في مختلف المجالات وأصبحت تبحث لنفسها عن مكان بين الأقوياء لتبقى لأن البقاء للأقوى ولا نقصد بالقوة هنا القوة العضلية أو العسكرية فقط إذ أن للقوة أشكالا مختلفة فالذكاء قوة لا يستهان بها خاصة في عالم السياسة؛ قوة الذكاء في التعامل مع الغير، الذكاء في إلقاء الخطاب السياسي وتحقيق أرباحا من وراءه سواء على الصعيد المحلي أو الدولي، الذكاء في فرض سياسة الأمر الواقع والمماطلة لتحقيق أهداف ومكاسب قد لا تتحقق باشرس الحروب فبها لا تغير مصائر دول فقط بل يمكن أن تغير حدودها أيضا وتتحكم في اقتصادياتها عن بعد، لذا القوة الاقتصادية في اعتقادي تعلوا على القوة العسكرية في هذا الوقت إذ أن القوة والحروب الاقتصادية مثل الحروب البيولوجية الآن الأهم والأشرس والاكثر شيوعا وتدميرا للدول وهي حروب خبيثة يصعب إدانة الطرف المعتدي فيها بخلاف القوة العسكرية التي يمكن تلافي اللجوء إليها بالحلول الدبلوماسية واتفاقيات السلام كما يمكن إدانة الطرف المعتدي فيها وتوقيع عقوبات عليه.
لذا ونحن على أبواب مرحلة جديدة من حياة الوطن وهي الاستعداد للانتخابات الرئاسية فعلى جميع المتسابقين أن تكون التنمية الاقتصادية الإنتاجية على رأس برامجهم الانتخابية وتجنب الاستدانة من اي مكان قدر الإمكان فالمتغيرات الدولية لا يمكن التنبؤ بها ومن الصعب تجنب نتائجها على اقتصاديات الدول الأخرى فهي تشبه الزلازل متى وقعت قد تزيل الدول ذات الاقتصاد الهش من الوجود!
لذلك أعيدها مرة أخرى ومرات عديدة الوصول إلى منصب رئيس مصر وهو المنصب الاعلى في الدولة مسؤولية عظمى وأمانة، على كل المرشحين أن يعدوا برامج انتخابية واقعية ومنطقية بعيدا عن الأحلام الوردية والأوهام التي اعتدنا بيعها للناس في مختلف الاستحقاقات الانتخابية حتى يحصل بها المرشحين على أصوات الناخبين ثم يتركوهم بعد ذلك فريسة الندم، إن غاية معظم المواطنين الآن الحصول على دخل يكفي احتياجاتهم بعد أن طال انتظارهم عائد التنمية الاقتصادية التي دفعوا فواتيرها غاليا على مدار سنوات وتحدثت الحكومة كثيرا عن نجاحها، معظم هؤلاء المواطنين لم ولن يكونوا من سكان مدن الجمهورية الجديدة، ولا من مستخدمي القطارات الحديثة، ولم تسمح لهم الظروف بالسفر خارج البلد الذي يسكنوه ليروا الجديد من طرق و كباري لذا كل ما يشغل تفكيرهم هي لقمة العيش والبحث عمن يحميهم من جشع التجار و البائعين ومن يضرب على الفساد بيد من حديد.
فعلى من يفكر في خوض السباق الرئاسى أن يضع في اعتباره أن زيادة حدة الفروق الطبقية قنبلة موقوتة وما قامت الثورات المصرية ثورة تلو الأخرى إلا لإزالة أو لتقليل هذه الفروق التي اتسعت بشكل شاسع وأصبح رجل الشارع يرى الدولة قد انقسمت إلى جمهورية جديدة ينعم سكانها بالثراء والرفاهية والجمهورية القديمة التي يعاني سكانها من الازمات الاقتصادية وتوحش الأسعار وشبح الفقر الذي يطارده فعلى من يجد في نفسه القدرة على وضع برنامج انتخابي قابل للتحقق على أرض الواقع يعود بالنفع السريع على تلك الطبقة البائسة ويدرك جيدا حجم المشاكل التي سوف تواجه قادر على احتواء كل أطياف المجتمع فليتقدم جديا لا نريد كومبارس أو مرشح يبحث عن تريند أو الشو الإعلامي حتى لا يحدث تفتت للأصوات فيضر العملية الانتخابية و مصالح الوطن ومستقبله.