مقالات وتحقيقات

المدير الفاشل ومعاناة الموظف المتميز

بقلم/حماده جمعه
المدير الفاشل يجلب موظفين فاشلين وهؤلاء الموظفون الفاشلون يكبرون بعد سنوات ويتحولون إلى مدراء فاشلين .. ليجلبوا بدورهم موظفين فاشلين .. وهكذا تدور الحياة الإدارية في كثير من القطاعات .
أحياناً تقف أمام منشأة تتوفر أمامها كل مقومات النجاح ، لكنها لا تستطيع النهوض والاستفادة من حجمها الكبير بسبب أخطاء إدارية فاشلة وتهميش لموظفين مميزين خوفاً من أن يتحولوا إلى مناصب عليا ،
فالمدير الفاشل في العادة يخشى كثيراً على كرسيه ويحاول أن يتشبث به أطول فترة ممكنة فلذا هو سيتجاهل منح الصلاحيات لأي موظف بارز خلفه لأسباب عدة يأتي في أولها :-
أن هذا الموظف قد يكبر يوماً بعد يوم ويكتسب الصلاحيات الواحدة تلو الأخرى حتى تجد القيادة الاعلى للمنشأة أن الأوان قد آن لمنحه مقعد المدير بدلاً من صاحبنا المدير الفاشل ،
الأمر الآخر هو أن هذا المدير الفاشل سيتجاهل الموظف المتميز ويقلل من عطائه وصلاحياته خوفاً من أن يقوم بتعريته أمام الجميع ،
فالموظف المتمكن والنشيط في ظرف أشهر عدة سيتمكن من عمله بشكل كامل ويبدع فيه ويقدم أفكاراً جديدة لدرجة قد تصل بأن يكتسب اشادات من موظفي الأقسام الأخرى وهو ما يجعل المدير الفاشل في موقف حرج عندما لا يستطيع أن يجاري موظفه في الأداء والتفوق والإبداع ،
فلنتخيل الحال في التعليم عندما لا يستطيع مدير ما ان يدير مدرستة او يتخذ من القرارا ت ما ينهض بها تعليميا وتربويا ؛ حيث يفتقد المقومات الادارية والتربوية والرؤية التى تؤدى الى التفاف الجميع حوله ، وقيادة اسرة المدرسة للعمل على حل مشكلات وتطوير المدرسة
.. حينما يجد معلم لدية القدرة على قيادة زملائة بالمدرسة واقتراح حلولا لحل مشكلات شائكة بالمدرسة ، واتخاذ خطوات جادة للنهوض بالمدرسة من جميع النواحى
هنا يبدأ ذلك المدير الفاشل فى محاربة ذلك المعلم المتميز النشيط وتجاهله ، والعمل على ابعادة عن المدرسة باطلاق الشائعات عليه وتشوية صورته ، وخلق خلافات بينه وبين زملائه فى العمل ، والعمل على التقليل من نجاحاته ، وما يملكه من مهارات ومقومات تربوية وادارية
او الصحافة مثلاً حينما لا يستطيع مدير القسم أن يتناول قضية رأي في عمود أو تقرير .. بينما محرر شاب صغير السن يبدع ويطرح آرائه وتكثر ردود الفعل من القراء والمسؤولين .. هذه النقطة أتذكرها تماماً عندما كنت صحفياً .
المدير الفاشل أيضاً يخشى الموظف المتطور والذي لا يقف عند حد معين .. يحاول أن يحبطه .. يشعره بطريقة غير مباشرة بأن توجهه وحماسه قد يتسبب في مشاكل في القسم ،
فلو كان موظف بنك يوجد أفكاراً جديدة تخفف من عناء العملاء وتسهل مهامهم .. سيتفاجأ بأن المدير يرفض الأفكار الجديدة رغم أنها تمنح البنك امتيازاً آخر بحجج واهية ( يجب أن يصدر القرار من مجلس الإدارة .. النظام لا يسمح .. الخ ) ،
ولذلك يلجأ المدير الفاشل إلى اختيار موظف ذو إمكانيات بسيطة ولا ينشد التطور والحماس على الإطلاق ليكون مشرفاً على القسم .. فالمدير سيتأكد أنه وبوجود هذا المشرف الهادئ .. كل شيء سيسير على نفس التوجه .. أين الأفكار وأين التطوير .. النتيجة صفر .
المدير الفاشل يحب الواسطة ويعشق العيش تحت ظلالها ، فالواسطة هي من أوصلته لكرسي المدير وأوصلت مديره العام أيضاً ، لذا وفي ظرف أشهر يحول هذا المدير الفاشل إدارته إلى استراحة أو مقهى لأقربائه وأصدقائه ، يجلب ابن عمه غداً وصديق الدراسة بعد غد .. وبعد شهرين يطلب من ابن الجيران أن يزوره لكي يساعده في وظيفة ..
في نهاية الأمر وبعد سنوات قليلة يتحول القسم تحت ظل هذا المدير الفاشل إلى قسم يضم (المتردية والنطيحة ) .. والانتاج سيكون صفراً مكعباً .
المدير الفاشل يملك فكراً قديماً بالعادة ، فهو يرى أن التشديد على الموظفين خير وسيلة لإظهار جدية العمل …. التشديد في منح الأذن للخروج أو حضور مناسبة معينة .. التشديد في مسألة الإجازة ورفضها في كثير من الأحيان .. هو يعتقد بأن الشدة والقوة تمنحه وهجاً بين الموظفين مما يدعم حضور الإدارة ويقويها ويزيد من انتاجه ..
لكنه لا يدري بأنه يحبط موظيفه يوماً بعد آخر ويفقدهم الولاء للمنشأة وتعمد عدم العمل بجدية .. بنظام .. (الريس عاوز كده ) انتهاء بانهيار وفشل المنشأة فشلا زريعا .
واخيرا اختم كلامى … بان المدير الفاشل على مختلف المستويات والمنشأت سواء مدرسة أو قسم أو ادارة أو مديرية أو… الخ يرتجف من الاقوياء والاكثر جدارة بالصف الثانى خلفة ؛ نظرا لكفاءتهم العالية التي تفوق كفاءتة ، بل ويخشى من منافستهم و صعودهم والحصول على مكانه الوظيفي ،
وينشغل بمحاربة الافضل والاكثر كفاءة ؛ فيعمل على ابعاده وتهميشه والتعسف ضده والتنكيل به عبر ممارسة الضغوط النفسية والإدارية عليه ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على فشله وفقدان ثقته بنفسه وعدم كفاءتة ،
وهذه النوعية من المديرين تعوق العمل وغير منتجة وخطيرة جدا على الوظيفة العامة ، وترتكب مخالفات و فسادا إداريا وماليا بهذا الشكل ؛ حيث تهدر الكفاءات البشرية والموارد المالية للدولة على حدٍ سواء بتفريغ الجهاز الادارى من الكفاءات الادارية وهدم المنظومة الادارية مما يساهم في اتجاه المؤسسات والقطاعات المختلفة نحو الانهيار والفشل
زر الذهاب إلى الأعلى