مصر الآن
قريش وخطر يهدد كيانها
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 14 أغسطس 2024
الحمد لله الذي جعل لنا الصوم حصنا لأهل الإيما
ن والجنة، وأحمد سبحانه وتعالى وأشكره، بأن من على عباده بموسم الخيرات فأعظم المنة ورد عنهم كيد الشيطان وخيب ظنه، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، شهادة تؤدي لرضوانه والجنة، ثم أما بعد إنه عندما شعرت قريش بالخطر الذي يهدد كيانها بهجرة النبي المصطفي محمد صلي الله عليه وسلم إلى المدينة فتعقد مؤتمرا عاجلا في دار الندوة وهو برلمان مكة للقضاء على محمد صلي الله عليه وسلم قبل فوات الأوان، ويحضر الشيطان معهم على صورة شيخ نجدي فقال بعضهم احبسوه في الحديد حتى يموت وقال بعضهم أخرجوه وانفوه من البلاد وبعد أن قوبل هذان الاقتراحان بالرفض تقدم فرعون هذه الأمة أبو جهل برأي خبيث ماكر فقال أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابا جليدا نسيبا.
ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما فيضربون محمدا ضربة واحدة فيقتلوه فيتفرق دمه في القبائل، فأعجب القوم بهذا الرأي حتى إن الشيطان الذي لم يستطع الإتيان بمثله أيده وقال القول ما قال الرجل هذا الرأي لا أرى غيره، ووافق البرلمان على هذا القرار الغاشم بالإجماع وبدأوا في التنفيذ، ولكن الله تعالي يقول ” وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين” وينزل جبريل عليه السلام فيخبر النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم بتلك المؤامرة ويقول يا محمد لا تبت في فراشك الليلة، وفي بيت أبي بكر الصديق رضي الله عنه كان أبو بكر جالسا مع أهله في الظهيرة، إذ أقبل النبي صلي الله عليه وسلم متقنعا مغطيا رأسه ففزع أبو بكر رضي الله عنه لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لم يكن يأيتهم في تلك الساعة من قبل ويدخل النبي صلي الله عليه وسلم فيقول “يا أبا بكر أخرج من عندك” قال أبو بكر رضي الله عنه إنما هم أهلك يا رسول الله، فقال صلي الله عليه وسلم “فإني قد أذن لي في الخروج” قال أبو بكر الصحبة بأبي أنت يا رسول الله، فقال صلي الله عليه وسلم “نعم” فبكى أبو بكر ولسان حاله يقول طفح السرور علي حتى إنني من عظم ما قد سرني أبكاني، وروي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت فما شعرت أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ، فقال أبو بكر رضي الله عنه فخذ بأبي يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين، فقال له صلى الله عليه وسلم ” بالثمن ” ويعود النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته ويعرّف الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالأمانات التي عنده ليؤديها إلى أهلها.
وفي ظلمة الليل يجتمع المجرمون ويطوقون منزله صلي الله عليه وسلم وفي هذه الساعة الحرجة يأمر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب أن يبيت في فراشه وأن يغطي رأسه ببرده الحضرمي، ويفتح النبي صلي الله عليه وسلم الباب ويخترق صفوف المجرمين ويمشي بين سيوفهم وهم مع هذا لا يرونه ثم يأخذ من تراب الأرض ويذره على رؤوسهم الواحد تلو الآخر ثم يمضي بحفظ الله ورعايته، وبات الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه على فراش النبي صلى الله عليه وسلم وغطى رأسه والمجرمون ينظرون من شق الباب يتهافتون أيهم يضرب صاحب الفراش بسيفه، وفي الصباح يكتشف المجرمون فشلهم، فيعودون وهم ينفضون التراب عن رؤوسهم.