أين المفكرون والكتاب العرب

المفكر العربي  والكاتب العراقي د . رحيم الشمخي

نتحدث كثيراً عن ملامحنا الخاصة وتاريخنا والعناصر التي تكونه، نتحدث عن صراعاتنا مع الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني والغرب الأوروبي التي جلبت إلينا الحركات الإسلامية السلفية بما فيها «داعش» وأخواتها، ونتحدث أكثر باصطدامها بالحضارات، وعن الشخصية العربية المستقلة.
نلوم بعضنا أحياناً ونلوم الآخرين، نكتب عن الغزو الثقافي وعن زحام نهائيات القرن الواحد والعشرين التي تكالبت فيها المؤامرة الأمريكية ضد الإنسان العربي وسلب هويته الوطنية والقومية واحتلال أرضه بقوة السلاح، ومعها كل الإرهاب في العالم بدءاً باحتلال العراق والمؤامرة الكبرى على سورية العربية وتدمير ليبيا وحرق اليمن أرضاً وشعباً.
ماذا فعلنا؟.. هل حاربنا؟، هل نزفنا دماً نحن العرب من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي من أجل فلسطين والقدس الشريف وسورية التي تقاوم عتاة الأرض بكل شموخ أبنائها البررة؟ ما قيمة وجودنا كأمة؟ ألم نكن نائمين عن مصير هذه الأمة التي مزّقها الدخلاء الذين هبّوا من كل حدب وصوب لتدميرها بالكامل؟
إننا ندعو للدفاع عن الأمة العربية، ولكننا لا نفعل شيئاً، ندور حول الشيء ولا ندخل فيه، وبين الفينة والأخرى تظهر كتابات جادة حول الموضوع نفسه ثم تختفي، أو نجد ندوة تتناول ذلك بين آلاف الندوات التي تبتعد عن مركز همومنا، لأن اختلاف الآراء يجعل المهمة أصعب، علماً أن ندوة واحدة لا تكفي لتحديد الشخصية والعودة إلى التمسك بها، لأن هناك إجراءات عملية يجب ان تتم لتشمل الحياة العربية نفسها.
لا يستطيع العربي أن يعود إلى الوراء فيتصرف وكأنه في القرن الرابع الهجري، ولا بإمكانه مهما حاول ان ينكر المتغيرات الزمنية الهائلة في عنصر وأهمية تكيفها معها، ومازالوا يتحدثون ويجتمعون لتحديد الشخصية، نعم، إن مهمة الكتّاب والمفكرين اليوم أن يقفوا وقفة رجل واحد ليعروا ما تتعرض له الأمة وإنسانها العربي من طمس لهويته وهتك لحرماته على أرضه ووطنه، هؤلاء الكتّاب والمفكرين العرب أن تكون مهمتهم في الاستمرار بحوار جريء يشمل البلاد العربية، ومن خلال هذا الحوار تتصارع كل الآراء بحرية تامة من أجل أن يجد نفسه فيها، ولكن حوارهم صار أشبه بحوار (الطرشان)، فلتضع سماعات في الأذن، ولنبدأ جدياً هذا الحوار قبل أن ينتهي القرن الواحد والعشرين، ولابأس من حلول محلية أو مستوردة، ولابأس من دراسة تجارب شعوب أخرى دون استنساخها، لأنه لابدّ من البدء بثوابت هذه الشخصية دون أن تفرض عليها منظور واحد ودون أن تقيدها بالماضي، وفي الوقت نفسه دون أن تفصلها عن تاريخها.
إن مثل هذا الجهد يكتسب أهمية خاصة في زحمة العصر وتصادم أفكاره ومعتقداته واختراعاته وكثره أقماره وتقدم تقنيته، وهذه المهمة تشبه أولاً وأخيراً النظر في المرآة وتأمل النفس للوصول إلى مواجهة تبدأ مع النفس قبل المواجهة مع الآخرين، بفقد يكون الصراع داخل الفرد الواحد نفسه.
ومن هنا، لابدّ لنا أن نصل إلى مكاشفة الذات العربية لكي تتحرك مشاعرنا العربية في هذا الزمن العربي الرديء، نحو إجماع شعبي عربي لمحاربة التدخلات الخارجية لسلب هوية الإنسان العربي مادام يعيش هو مآسي الألفية الثالثة المليئة بالمخاطر وطمس معالم الحياة العربية الجديدة.

شاهد أيضاً

شاهد تعليق تهاني التري : على خارطة النجاح لدولة الإمارات !!

متابعة : نبيل أبوالياسين قالت المستشارة “تهاني التري” نائب رئيس منظمة الحق الدولية لحقوق الإنسان، …