الكورونا مابين الواقع والاسطوره

بقلم/سامح فتحى 

أصبحنا ننام ونستيقظ على نفس الموضوع، وطوال اليوم يتحدث عنه الجميع سواء في البيت أو على شبكات التواصل الإجتماعي، حيث يعيش العالم أحدث وأخطر الأساطير التي مرت على تاريخ البشرية سرعة إنتشاره كبيرة نسبة الإصابات عالية وأرقام الوفيات لا يُستهان بها.

فتذكرني تلك الأيام التي نعيشها الآن بأيام قد مضت حكاها لنا السابقون عن أساطير تبعث الرعب والخوف في أنحاء البلاد كأسطورة النداهة التي إشتهرت في الريف المصري عن إمرأة تظهر ليلاً لتغوي الرجال فيذهبوا دون عودة، وأسطورة الطنطل في العراق وتونس وهو كائن مخيف أقوى من البشر يظهر في الأماكن المهجورة ولكن ما وجه الشبه بين تلك الأساطير وكورونا.

هناك تشابه كبير بين تلك الأساطير وكورونا حيث أن تلك الأساطير تجعل سكان تلك المناطق يذهبون إلى بيوتهم مبكراً تماماً كما يحدث الآن ، وأيضاً كل تلك الأساطير لم تكن ترى بالعين مثل فيروس كورونا، ويعتبر هذا الفيروس مجهول بالنسبة لنا لا نعلم كيف جاء إلى عالمنا هل طبيعي أم صُنِعَ في المعامل، وسرعة إنتشاره رهيبة كأنه بخاخ تم رشه في الهواء ليجتاح جميع الدول على مستوى العالم.

وبالرغم من أننا في قرن الواحد والعشرون الذي يعتبر من أفضل القرون أو بالأصح نضف له كلمة “كان” لأن بانهياره أمام كورونا، فإن التعبير الصحيح هو أنه كان من أفضل القرون من حيث التكنولوجيا والتطور في كل شيء، فستجد سيارات مطورة ترتفع عن الأرض ومنها يعمل بالطاقة الشمسية، وحواسيب متوفرة في كل مكان، وهواتف نقالة ذكية ومتطورة، وتصنيع الآلات على أحدث مستوى حتى إننا توصلنا لصناعة روبت يشبه الإنسان سمي بصوفيا.

ومع ذلك كله إنهارت منظومات طبية كاملة أمام فيروس لا يرى بالعين المجردة، كأن كل ما توصلنا له من حداثة هو وهم وخداع وكذبة سوداء أطاحت بالجميع والضحايا كثيرون يعانون في جميع أرجاء العالم، وكل هذا كان مجرد هرتله وهراء وكأننا كنا جهلاء بل نحن أقبح صور الجهل فقد كنا ندعي العلم والتطور ونحن لسنا كذلك، وإننا لا نختلف كثيراً عن عصور مضت عاشت الخوف من النداهة والطنطل وغيرهم، فقد خدعونا وخدعنا أنفسنا بأننا نمتلك علماً لم يسبق أحد الوصول إليه فذهب وطار بعيداً كحبيبات القمح التي تتطيار مع هبوب الرياح.

حيث أنه الآن يُسطر التاريخ بحروف من ظلام أبشع صورة للقرن الحادي والعشرون، وسوف تقرأ الأجيال القادمة تلك الأيام ويسخرون منا، على ما فعلناه بأنفسنا من جهل بالعلم، وبالرغم من مما توصلنا إليه من تكنولوجيا، فالتاريخ لا ينسى الحماقات التي يرتكبها البشر، ومازال سيكتب أشياء تجعلنا نكتشف أننا لا نخلتف كثيراً عن العصور المظلمة، لأنه بكل هذا التطور والعلم وقف العلماء والأطباء حائرين أمام كورونا، حتى إن المعلومات التي يتم نشرها ليست صحيحة مئة بالمئة، لنتوصل إلى نتيجة أن هناك فجوة تقصير بالعلم والعلماء أو أن علماء عصرنا جهلاء بعلمهم.

ما نمر به هو تقصير فادح تتحمله البشرية ويتحمله أناس لا ذنب لهم، ففي الأخير هم الضحايا حتى أنت عزيزي القارىء ضحية جهل وتقصير من عالمنا الذي نعيش فيه الآن. لذلك أطلقت على كورونا لقب أسطورة لأن ذلك الفيروس بالرغم من صغر حجمه إستطاع أن يكشف الغطاء عن حقيقة ما نعيش فيه من خداع وأنّ ليس كل ما يلمع ذهباً، وأيضاً لم يكتفي الفيروس بذلك فقط فقد إستطاع أن يبعث الرعب والخوف في كل جزء من أجزاء العالم حتى أصبح العالم يئن ألماً ومرضاً من الجهل أو بالأصح جهل أننا جهلاء.

لنتذكر قول الله تعالى: ((وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)) …. آيه 85 من سورة الإسراء.

شاهد أيضاً

شاهد تعليق تهاني التري : على خارطة النجاح لدولة الإمارات !!

متابعة : نبيل أبوالياسين قالت المستشارة “تهاني التري” نائب رئيس منظمة الحق الدولية لحقوق الإنسان، …