تمظهرات الحداثة في الرواية العربية

بقلم الدكتور أ رحيم الشمخي

إن مطلع ما بعد الحداثة عصي على الفهم وفضفاض، وربما نستطيع إذا أردنا فهمه، أن نجري مقاربة لما بعده وما قبله، ولأن كل فكرة تحمل نقيضاً فإن النقيض يأتي مما بعده، هناك معطيات فلاسفة وكتاب من ضمنهم نيتشه في كتابه (إرادة القوة) الذي يعدّ أول كتاب له أسس فيه ما يعرف بالعدمية، وذكر أن كل القيم التي طرحتها الميتافيزيقا هي قيم عدمية، لأن المعطيات التي طرحتها وأنتجتها الحداثة كانت مجرد معطيات تؤمن باليقينية، لذلك فإن الكثير من الرؤى الحداثوية نقلت لنا صورة، أن الإنسان صار بديلاً عن (الآلة) وأن الآلة تموت، وبما أنها تموت يجب أن يحل محلها الإنسان، يتأمل ذاته وينظر إلى منتجات هذا العالم، وما يهمنا هو ما يخص الأدب، أما الرواية فهي تنفعل بالمنتج الفكري والثقافي المعرفي، وهذا تماماً عكس ما يقوله المنظّرون الماركسيون في أن الأدب انعكاس للحياة، ولكن في الواقع إن الرواية فقط من الآداب التي تعدّ امتداداً للحياة، وهي سلسلة الملاحم التي أنتجتها الحضارات والإنسان القديم منذ بداية نشوء الحضارات وحتى هذا الوقت، وهي أكثر النتاجات الأدبية تفاعلاً مع المنتجين الثقافي والفلسفي.
هناك علاقة جدلية بين الحداثة وما بعدها، وهي علاقة ردة فعل، فما بعد الحداثة هي انتقاض للحداثة، وقد بنيت فكرتها على الحداثة، وبقيت الحداثة مصاحبة لما بعد الحداثة، فالكثير من الكثير من كتاب الغرب لم يؤمنوا بما بعد الحداثة، بل آمنوا بأنها منقطعة الصلة عن الحداثة وما بعد الحداثة جاء رد فعل للحداثة، وان هذا المنتج الحداثوي ضمن منظومة كبيرة أنتجت حضارة إنسانية مشوهة بالحروب.
وأخيراً فإن الحداثة هي نتاج مرحلة تمكنت البرجوازية الغربية من قيادة المجتمع وتشريع القوانين القادرة على الضبط والإخضاع، أي هناك ضرورة اقتصادية لنشوء هذا الجانب، ولأن الحداثة فشلت في توفير عناصر ضبط ناضجة، من هنا دفعت لوجود البديل للحداثة وهو ما يعرف ببعد الحداثة.

شاهد أيضاً

جلسة تصوير “رومانسية لريهام أيمن وشريف رمزي من المصور إسلام سليمان

سامح علي خضع الفنان شريف رمزي وزوجته الفنانة ريهام أيمن لجلسة تصوير مع المصور إسلام …