
كتب حماده جمعه
وافقت الحكومة على خصم نصف ثمن الجمارك والرسوم وتمديد صلاحية طلبات استيراد السيارات من المصريين بالخارج إلى خمس سنوات، بدلًا من عامٍ واحد، قبل شهر من انتهاء مُدة العمل بالقانون، وبعدما لاقت المبادرة إقبالًا ضعيفًا للغاية خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وقال وزير المجالس النيابية، علاء فؤاد، إن النائب بمجلس النواب، هشام هلال، تقدم بتعديل أحكام قانون تيسيرات استيراد السيارات للمصريين في الخارج، وهو ما ناقشته لجنة الخطة والموازنة بالمجلس، أمس، بعد حصول مشروع التعديل على موافقة مجلس الوزراء، بحسب فؤاد.
وكان رئيس الجمهورية قد صدّق، نهاية أكتوبر الماضي، على قانون رقم 161 لسنة 2022، والذي ينص على تيسيرات لاستيراد المصريين بالخارج لسيارات بغرض الاستخدام الشخصي، مقابل إيداع قيمة الجمارك والضرائب بالدولار في حساب لدى وزارة المالية، على أن تُسترد الأموال بعد خمس سنوات بالجنيه المصري بسعر الصرف الموجود حينها، وهو المبلغ الذي خُفّض بمقدار النصف في تعديلات القانون.
وأصدر مجلس الوزراء القواعد المُنظمة للقانون منتصف نوفمبر الماضي، لتدخل المبادرة حيز التطبيق وتنتهي في مارس المقبل.
وبحسب القواعد، يحق للمصريين بالخارج استيراد سيارة واحدة، بعد حصوله على موافقة استيرادية صالحة لمدة عام، وهو ما تم تمديده في التعديلات، ليصل إلى خمس سنوات.
بالإضافة لذلك، كان من المفترض أن يقوم المصري المستورد للسيارة بدفع قيمة الجمارك في خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر، قبل أن تمدها التعديلات إلى ستة أشهر.
وتزامنت مناقشات مجلس النواب مع تصريحات لوزير المالية، محمد معيط، أشار فيها إلى أن حصيلة المبادرة خلال الأشهر الثلاثة الماضية لم تتجاوز 202 مليون دولار لحوالي 12 ألف سيارة.
ولا يتجاوز ذلك 28.6% من إجمالي الطلبات المُقدمة للمبادرة والتي وصلت، بحسب معيط، إلى نحو 42 ألف طلب.
وبدورها، لم تتعدَ تلك الطلبات 4% من أدنى مستهدفات الحكومة، التي كان معيط حددها بين 300 ألف و500 ألف سيارة.
أما بالنسبة للمبالغ التي دفعها المصريون بالخارج، فلم تتجاوز 8.08% من إجمالي 2.5 مليار دولار استهدفتها الحكومة مع إعلان المبادرة، وهي القيمة التي كانت انخفضت أصلًا أثناء المناقشات حولها، إذ كان معيط صرح سابقًا بأن الحكومة تستهدف من المبادرة الحصول على عشرة مليارات دولار في صورة ودائع من المصريين العاملين بالخارج للسماح لهم باستيراد سيارات.
وكانت المبادرة جاءت في وقتٍ تعاني فيه الدولة بشدة من أزمة كبيرة في توفير العملة الصعبة، وهي ما أثر بشدة على توافر السلع في الأسواق وكذلك على القطاعات الصناعية والزراعية التي تعتمد على استيراد المواد الخام وتصدير المنتجات النهائية.
وخلال الفترة الأخيرة، عدّلت الحكومة القانون عدة مرات لتوفير ما أسمته بالتسهيلات لتيسير استيراد السيارات، لكن الإقبال ظل عند مستوى ضعيف قبل أقل من شهر من انتهاء المبادرة، التي أكد معيط عدة مرات أن أجلها لن يُمد.
كان مجلس الوزراء ألغى في منتصف ديسمبر الماضي شرط مرور ثلاثة أشهر على وجود المبلغ النقدي المُستحق لوزارة المالية لقاء استيراد المصريين بالخارج سيارات خاصة، في حساب المستفيد بالبلد المقيم فيها.
وكانت القواعد قبل التعديل تشترط «أن يكون لدى الطالب في حسابه البنكي الذي يجري التحويل منه، رصيد سابق على تاريخ التحويل بثلاثة أشهر على الأقل، يسمح بتغطية المبلغ النقدي المستحق لدى إتمام إجراءات التسجيل الأولي، وألا يكون هذا الحساب قد تلقى تحويلات بالعملة الأجنبية من مصر منذ تاريخ العمل بالقانون…».
وبعد ذلك بأقل من أسبوعين، أعلنت وزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج عن تسهيلات جديدة، أهمها خفض الجمارك على السيارات بنسبة تصل إلى 35%، وتيسير الاستخلاص الجمركي بمبالغ بسيطة لا تزيد عن ثلاثة آلاف جنيه، وإلغاء جميع التصديقات على المستندات، وإضافة أكثر من 2500 سيارة للتطبيق ضمن الاختيارات.
وقال الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات، خالد سعد، إنه مع اقتراب نهاية العمل بالقانون، بدأت أخيرًا الحكومة في الانتباه للمشاكل الحقيقية الموجودة بالقانون، الذي جاء «في عجالة» لتحصيل عملة صعبة في أسرع وقت دون دراسة كافية. فمن جهة لم يراعِ القانون، بحسب سعد، الفروق بين المغتربين المصريين في الخليج والموجودين في الدول الغربية كأوروبا والولايات المتحدة.
«في الحقيقة، المبادرة استهدفت بشكل مستتر مغتربي الخليج، لإن هم اللي بينزلوا مصر بشكل دوري وممكن يكونوا محتاجين عربيات لنفسهم أو لأهاليهم هنا. لكن، في نفس الوقت أصلًا اتفاقيات التجارة مع أوروبا بتعفي واردات مصر من السيارات من الجمارك، على عكس التجارة مع دول الخليج. فبقى فيه مغتربين في الخليج عايزين ينزلوا عربيات بس الجمارك غالية، ومغتربين فأوروبا عندهم أصلًا إعفاء من الجمارك بس مش مهتمين ينزلوا عربيات»، يقول سعد.
بالإضافة لذلك، أشار سعد إلى أن مغتربي الخليج المهتمين بشراء سيارة في مصر سيكون عليهم شراء سيارة أخرى للاحتفاظ بها في الخارج، وهو ما لن يستطيع تحمله الجزء الأكبر منهم، نظرًا لأن فترة السماح لم تتجاوز أربعة أشهر، وصلاحية الموافقة عامٍ واحد.
«دا معناه إن المصري اللي في الخليج اللي عايز يشتري عربية محتاج يحول فلوسها خلال أربع شهور بالكتير، وفي خلال ست شهور ينزلها مصر ويجيب واحدة تانية لنفسه في المكان اللي هو فيه، ودا مكنش منطقي تمامًا»، بحسب سعد.