لبنان… ومصير رئاسة الجمهورية
كتبت: سارة الضويني
إعلان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع رسمياً ترشيح رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النيابي في لبنان النائب العماد ميشال عون، لرئاسة الجمهورية، كان “صادما” للكثيرين، جاء في مؤتمر صحفي مشترك مع العماد عون الاثنين في معراب، بحضور حشد من الشخصيات السياسية الممثلة لـ”التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية”، بالإضافة إلى عدد كبير من نواب ووزراء الفريقين.
وشكّل ترشيح جعجع للجنرال صدمة على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”تويتر”، اقترنت بعدد من الهاشتاجات، منها: #جعجع، #ليه_جعجع_رشح_عون، #طلع_جعجع_مش_حكيم.
وبعد الانعطافة المفاجئة تتجه الأنظار إلى اجتماع فبراير المقبل تحت قبة البرلمان والتي سيتم فيها التصويت على أحد المرشحين، ميشال عون وسليمان فرنجية، فيما تزداد حدة الصدامات بين التيارات اللبنانية على الرغم من انتماء كلا المرشحين إلى فصيل سياسي واحد هو 8 آذار. فكيف ستكون ردة فعل تيار المستقبل وبقية حلفاء 14 آذار؟… وهل سيدعم حزب الله العماد عون؟
“لبنان على وشك انتخاب ميشيل عون”
اقتربت إيران خطوة من إحكام السيطرة على ساحة السياسة اللبنانية بعدما أعلن المرشح الرئاسي سمير جعجع (المدعوم سعودياً) عن تقديم دعمه للمرشح ميشيل عون.
وبحسب تقرير نشرته “الجارديان” البريطانية، باتت لبنان على وشك انتخاب ميشيل عون الذي يحظى بمباركة حزب الله حليف إيران في لبنان، وذلك في وقت تستعد فيه إيران للانفتاح على المنطقة والعالم وخروجها من عزلتها بعد الاتفاق النووي الذي عقدته طهران مع قادة الغرب.
دعم ترشيح ميشيل عون؛ الجنرال السابق في الجيش اللبناني والعدو السابق الذي انقلب ولياً حميماً للنظام السوري، جاء بعد عامين من الفراغ في كرسي الرئاسة اللبناني، أمر أدي إلي شل قرارات الساحة السياسية في بيروت، لكن عامل الإثارة في الموضوع كان أن المؤازرة جاءت من منافسه اللدود سمير جعجع، رئيس حزب القوات اللبنانية المعروف بقربه من السعودية.
“توطيد النفوذ الإيراني”
خطوة جعجع الأخيرة هذه والتي أدهشت الكل بانحيازه الآن إلى منافسه العتيد عون، من شأنها تمتين وتوطيد النفوذ الإيراني في لبنان.
فلبنان الذي لم تعرف ساحته السياسية الراحة والاستقرار يوماً على مدى تاريخه القصير، أصبحت ساحة للكر والفر بين طهران والرياض اللتين تحرصان على دعم حلفائهما في الساحة اللبنانية.
ويحتاج عون إلى دعم أغلبية برلمانية لتوافق على ترشحه، وهو أمرٌ قد يصبح سهل المنال إن اتفقت الكتلتان المسيحية والشيعية على تأييده مع انضمام أعضاء برلمانيين آخرين من ممثلي الطوائف الأصغر.
“14 آذار” حلفاء السعودية
أما كتلة “14 آذار” حليفة السعودية وممثلة الأغلبية السنية بالبلاد، فأعرضت تماماً عن الاتفاق حتى ليلة الاثنين حين أعلن الرجلان توحيد كلمتهما، وقد يواجه جعجع صعوبات في إقناع 14 آذار بالانضمام إلى صف عون كما فعل هو.
ولطالما كان عون أكبر مؤيدي الدور الإيراني في المنطقة، وبلا شك فإن انتخابه رئيساً سيعمق من نفوذ طهران في هذه الحقبة التي تشهد كثيراً من الشد والمد بين طهران والرياض على من يتربع عرش القوة في الشرق الأوسط، حيث قطعت الرياض أخيراً علاقاتها الدبلوماسية تماماً بطهران.
وكان النفوذ السعودي متغلغلاً في الساحة اللبنانية أيام رئيس وزراءها السابق والمنفي سعد الحريري والذي قدم العام الماضي تنازلاً بترشيح سليمان فرنجية –الاسم المقرب من النظام السوري- في محاولة لكسر الشلل السياسي في البلاد الذي عطل الخدمات الأساسية وأحدث بلبلة في الساحة.
“الرياح لم تأت كما تشتهي سفن الحريري”
خطوته نجحت لكن الرياح لم تأت كما تشتهي سفن الحريري، إذ أن جعجع وعون بالرغم من قِدَمِ العداوة بينهما مذ كانا جنرالين حربيين في معسكرات مسيحية متنافسة خلال حرب لبنان الأهلية (1975-1990)، لكن اسماً واحداً يكرهانه أكثر من كرههما لبعضهما: سليمان فرنجية.
إن نجح عون في سباق الرئاسة مثلما تتنبأ التوقعات فسيلحق ذلك كبير الضرر على كتلة “14 آذار” ومكانتها في البلاد، كما قد يشكل ذلك ضربة أخرى للسنة في المنطقة.
“مخاوف سعودية”
ما يخشاه المسؤولون السعوديون الآن أن تستغل إيران الانفراج الذي رفع العقوبات الدولية عنها بعد اتفاقها النووي لتمكين وكلائها في الشرق الأوسط، ومنهم حزب الله الذي لطالما حظي بدعم طهران المباشر منذ تأسيسه قبل أكثر من 3 عقود.
ولا يقف القلق السعودي عند هذا الحد، بل يمتد إلى بغداد ودمشق، فالميليشيات الشيعية التي تدعمها إيران طغت قوتها ونفوذها على الجيش العراقي نفسه، بينما تدخلت إيران بقوة لإنقاذ حليفها بشار الأسد في حربه في سوريا.
“نتائج انسحاب جعجع لمصلحة عون”
1- إنهاء التنافس الثنائي بين عون وجعجع الذي عطّل حصول انتخاب رئيس للجمهورية، وكان السبب في تعطيل أكثر من 35 دعوة لجلسات انتخابية وجهها الرئيس نبيه بري.
2- حصر المعركة بين عون وفرنجية، وكلاهما ينتميان إلى قوى “الثامن من آذار”، ما أدى إلى تقسيمها هي وقوى 14 آذار.
3- ردّ جعجع على تخلي الحريري عنه دون أن يبلغه مسبقا بتشجيع فرنجية للرئاسة بالتنازل.
4- برّر جعجع انسحابه لمصلحة عون بسرد عدّد من الدوافع الإنقاذية، لما وصلت إليه حال التردي في البلاد وتصحيحها.